كتاب حمد الجاسر جغرافي الجزيرة العربية ومؤرخها ونسابتها

والجاسر ينتقد ويجادل ولكنه سمح قبل ذلك وبعده، وآخرون إذا
خاصموا فلا ينتهي خصامهم عند انتهاء المسألة كتابة أو تعاملاً إنما يطففون
يكيدون لك، ويدشُون عليك، يريدونك أن تتحطم، وأن يظلوا هم أوثاناً في
الساحة وحدهم، لا يشاركهم أحد المجد الزائف، والحياة الحقيرة الفانية،
لا يعرفون إلى التسامج سبيلاً، فإما أن يُؤتَهوا، وإما أن يحقدوا وتعمى أبصارهم
بهذا ا لداء ا لوبيل.
اقرا معي هذه الفقرة من كتاب رحلات حمد الجاسر ويتحدث عن
ا لمستشرق ا لألما ني (رود لف ز لها يم) محقق كتاب (نور ا لقبس) فيقول:
"وقد جرى التعارف بيننا بعد أن نشرت كلمة عن ذلك الكتاب، أوضحت
فيها ملاحظات تتعلق به، فكان هذا سبب التعارف والتواصل بيننا، بينما كإنت
كتاباتي عن بعض المطبوعات التي يقوم بها أساتيذنا وإخواننا من العرب سبباً
للقطيعة ومدعاة للوقيعة أيضأإ (1).
هذا هو المحزن في الأمر، فالمستشرقون والغربيون والأميركيون
وغيرهم من أمم الأرض، يقدرونك إذا دللتهم على أخطائهم، كأنهم يطبقون
الحديث النبوي الشريف: "رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا" ونحن المسلمون
نرفض هذا المسلك كأننا نرفض هذا التوجيه النبوي.
والجاسر - عندما ينقد - يمهد بكلمة ثناء على عمل المحقق او المؤلف
ويشير إلى صعوبة عمله، فقد رأى معارك شديدة اللهجة تدور أحيانأ بين الناقد
والمنقود على صفحات المجلات إذ يتمسك كل واحد منهما برأيه، ويميل على
الرأي الاخر تسفيهاً وتجريماً، وهو ما تحاشاه الجاسر في جميع ما نقد مع
جنوح بعض المتناظرين إلى التطاول، ولكن الأخذ بالتي هي احسن من الجاسر
قد دفع المتطاولين إ لى الاعتدال.
(1) رحلات حمد الجاسر، ص 4 31 - ه 31.
38

الصفحة 38