كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

الثالث (حكاية الهميان)، ومن بغداد في أيام المامون (وديعة الله)، ومن
فلسطين في أيام صلاح الدين (في بيت المقدس، وهيلانة ولويس)، ومن
الأندلس في اخر القرن الخامس (عشية وضحاها)، ئم منها في ساعات
الوداع قبيل سقوط غرناطة بيد النصارى في آخر القرن التاسع (آخر أبطال
غرناطة)، ثم منها بعد السقوط (محمد الصغير)، وأخيراً ها هي ذي قصة
"عالِم" من دمشق في عام 1831. وفي الكتاب مشهد مسرحي واحد
عنوانه "أبو جهل"، ولا أعلم أن جدي كتب نصوصاً مسرحية سواه إلا
المسرحيات التي كان ألفها لطلاب المدرستين الأمينية والتجارية (1) من
قديم، وهي مسرحيات مدرسية - فيما يبدو - ولم تُنشر قط.
لقد كُتبت هذه القصص بأسلوب بث فيها الحياة حتى ليستدز
- احيانأ - الدمع من عين قارئها، وحتى ليخال المرء أنه واحد من أبطالها
وشخصياتها، يروح معهم ويجيء، ويألْم معهم ويفرح، بل ليكاد يحيا
معهم ويموت! إليكم بعضأ من قصة "آخر أبطال غرناطة ": "وانطلفت من
أعالي ا لأسوار ان "لقد عاد موسى "، فتقاذفتها وتناقلتها ا لاذان، فطارت في
أرجاء المدينة وسارت في جوانبها مسير البرق، فبلغت الساحات والدروب
وولجت الدور والمنازل، واوغلت خلال البيوت والسراديب، فلم تلبث
أن نفضتها نفضأ فألقت بأهليها إلى الأزقة والشوراع، ف! ذا هي ممتلثة بالناس
من كل جنس وسن ومنزلة. . . ووصل موسى، ذلك البطل البدري الذي
أخطأ طريقه في الزمان فلم يأتِ في سنوات الهجرة الأولى، بل جاء في
الأواخر من القرن التاسع، ولم يطلع في الحجاز التي كانت تبتدى تاريخها
(1)
قال عنها في بعض أوراقه المخطوطة: أثفتُ صث مسرحيات مثلتها فرفتا
المدرسة الأمينية والمدرسة التجارية في دمثق ما بين سنة 927 1 وسنة 0 93 1،
وكان يحضرها جمهور كبير، وكان الدخول لمشاهدة بعضها بثمن، وكانت
- في حينها -حديث المجال! في دمثق.
100

الصفحة 100