ولزي! يهِي
ما ارانا وصلنا إلى هذا الموضع من الكتاب إلا وانتم تعرفون مبلغ
ما شهد الشيخ علي الطنطاوي من تبدل الأحوال وتغير الدول، ومبلغ
ما كان له من مشاركة في الوقائع والأحداث تأثيراَ وتحريكأ، فأين يذهب
بهذا كله إن لم يودعه سِفر الذكريات؟.
لقد فتح عينيه على الدنيا يوم لم تكن في بلاد العرب والمسلمين
كلها سيارة ولا طيارة، واغمضهما بعد ما راى بعض أبناء ابينا اَدم يمشون
على سطح القمر. ودرج اولَ سني حياته وما في الشام كلها بيت فيه
كهرباء، ئم ادرك وقتأ لا يكاد يحتمل المرء فيه العيش ساعة بلا كهرباء.
ودخل المدرسة والدولة للترك والتعليم بلسانهم، فما ترك الدراسة إلا وقد
راى دولتهم تدول واخرى تعقبها لا تعيش إلا لمامأ، ئم يحكم الفرنسيون
الشام ويقتسمون - مع الإنكليز - معطم اراضي المسلمين. ثم عاش حتى
راى هؤلاء واولئك يتركون هذه البلاد جميعاَ، وكم راى بعد ذلك من
تبدل العهود وتغير الدول.
وخلال سني حياته ولدت الشيوعية وماتت الشيوعية، وولدت دول
وماتت دول! (اذكر انه حدئنا مرة عن ايامه في المدرسة الابتدائية، فكان
مما حدئنا به ان مدرس الجغرافية دخل الفصل في يوم من اواخر ايام سنة
918 1 فقال للطلاب إن دولة قد ولدت في ذلك اليوم واسمها أصعب من
أن يُحفظ. ئم لقنهم ذلك الاسم فإذا بها تشيكوسلوفاكيا! وعاش من بعد
حتى راى يومأ ماتت فيه هذه الدولة فجأة كما ولدت فجأة، وخلفت من
111