كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

". . . ولكني كرهت أن أتوكأ في سيري إلى غايتي على غير أدبي، ونزهت
نفسي عن ان أجعل عمادي ورقة صار يحملها الغبي والعمى والجاهل
واللص الذي يسرق مباحث الناس ويسطو على آئارهم. . . لقد صرت
كالعجوز الذي حَطَمه الدهر وفجعه في اولاده فسئره في مواكب وداعهم
الباكية 0 وما اولادي إلا امانيئَ، وما قبور الأماني إلا القلوب اليائسة.
فيا رحمة الله على تلك الأماني! ".
وفي الكتاب مقالات يصف فيها علي الطنطاوي نفسه او يعتر عن
عوطفه وانفعالاته، كما صنع قبل قليل في "زفرة مصدور" و"زفرة اخرى "،
وكما في مقالات: "الوحدة" و"الشفاء" و"وقفة على طلل" و"صورة
المؤلف بقلمه ".
وفي الكتاب اشتات من الذكريات؟ من ذكريات الطفولة المبكرة أ و
من ذكريات الئباب، كما في مقالات: "من دموع القلب " و"في الكُتاب"
و"في معهد الحقوق " و"إلى حلبون" و"ذكريات " و"من التعليم إلى
القضاء" و"قصة معلم "، وفي هذه المقالة يصف علي الطنطاوي نفسه حين
صطر معلمأ في المدارس الابتدائية، وقد قدم هذا الوصف من خلال حوار
خيالي: "قلت لصديق لي اديب: إني لأقرا لك منذ عشر سنوات، فما
رايتك اسففت إسفافك في هذه الأيام، وإني لأشك 1 انت تكتب ما تكتبه
أم يجري به قلمك وانت نائم فتاخذه فتضع عليه اسمك؟ فماذا عراك - أيها
الصديق - فأضاع بلاغتك ومحا آيتك؟ قال: دعني يا فلان، دعني؟ فإن
سراج حياتي يخبو وشمعتي تذوب، وما أخالني إ لا ميتأ عما قريب أو دائراً
في ا لأسواق مجنونأ. إنني انتهيت. . بعت راسي وقلبي برغيف من ا لخبز ".
وفي مقالة "مما حدث لي ": "جاء ني مرة (وكنت في عنفوان الئباب،
كتب في اوائل كتابتي في "الرسالة " عام 933 1) ئلائة من الغرباء عن البلد،
لم يعجبني شكلهم ولم يطربني قولهم، فوقفت على الباب انظر إليهم فارى
114

الصفحة 114