كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

الثاني، الحلقات 35 - 37) تفصيل ممتع واخبار كثيرة طريفة مفيدة عن
اشتغاله بالصحافة وعن الذين اشتغل معهم فيها، فمَن شاء فليرجع إليها
هناك.
4 - في التعليم
إذا كانت الصحافة هي المهنة التي احبها علي الطنطاوي، ف! ن
التعليم هو العمل الذي ملأ حياته كلها. لقد كان يقول عن نفسه إنه اقدم
المعلمين في الدنيا او من اقدمهم. وكيف لا يكون كذلك وهو قد بدا
بالتعليم ولمّا يَزَلْ طالبأفي المرحلة الثانوية؟ لقد بدا بالتدريس في المدارس
ا لأهلية بالشام؟ في الأمينية والجوهرية والكاملية، وهو في السابعة عشرة ا و
الثامنة عشرة من عمره (في عام 5 4 3 1 هجرية)، وقد طُبعت محاضراته التي
القاها على طلبة الكلية العلمية الوطنية في دروس الأدب العربي عن "بشار
ابن برد "في كتاب عام 0 93 1 (اي حين كا ن في الحادية والعشرين من العمر).
بعد ذلك صار معلمأ ابتدائيأ في مدارس الحكومة سنة 1931 حين
اغلقت السلطات جريدة "الأيام " التي كان يعمل مديراَ لتحريرها، وبقي
في التعليم الابتدائي إلى سنة 935 1. وكانت حياته في تلك الفترة سلسلة
من المشكلات بسبب مواقفه الوطنية وجراته في مقاومة الفرنسيين
واعوانهم في الحكومة، فما زال يُنقل من مدينة إلى مدينة، ومن قرية إلى
قرية، حتى طوف بارجاء سوريا جميعأ: من اطراف جبل الشيخ جنوباَ إلى
دير الزور في اقصى الشمال. ولكن شيئأ من ذلك لم يصرفه عن التعليم ا و
يقعد به عن المضي فيه؟ اقرؤوا كيف وصف في ذكرياته (1) تنقله بين
المدارس في القرى، في الجبال وفي الحزات، في ايام القز وفي ايام
الحز، يخوض في الثلوج وينام مع العقارب. . . صور لو قراها فتيان اليوم
لعجبوا كيف يطيقها إنسان، ولكننا نجده ماضياَ بعزيمة وهمّة لا يَني
(1) في آخر الجزء ا لثاني وأول ا لثالث.
16

الصفحة 16