ولا يكِل. وهاكم واحدةَ من هذه المشاهد العجيبة كما يرويها لنا حين نُقل
معلماَ إلى قرية رنكوس: "لما نُقلت هذه النقلة كنت في قلب الشتاء،
وكنت أستطيع أن أطلب إجازة ولكني لم أقبل الهزيمة. وكانت ه! مة
الشباب تملأ جوانحي، فحزمت حقيبتي وركبت إلى صيدنايا، فلما بلغتها
وقفت السيارة الكبيرة فيها ونزل منها ركابها. قلت: ولكني أريد الوصول
إلى رنكوس. قالوا: مستحيل. قلت: ولمَ؟ فالوا: الطريق مقطوع قد
سذته الثلوج. قلت لصاحب السيارة: أدفع لك ما تريد فأوصلني. قال:
ما عندنا ركاب، فهل تدفع أجر المقاعد كلها؟ قلت: نعم. قالوا: وإن لم
نستطع ا لاستمرار في السير؟ قلت: إن لم تستطيعوا فعودوا والأجرة لكم.
وسرنا وسط الثلوج في طريق جبلي خطير، فلما للغنا نصفه أو اكثر قليلأ
لم يعد بالإمكان ان تتقدم السيارة ذراعأ واحداَ، فقلت: عودوا وأنا
أمشي. فالوا: كيف تمشي؟ الطريق خطر ولا يخلو من الوحوش،
والثلوج كما ترى؟ فأصررت ومشيت، مشيت نحو ساعتين ونصف
الساعة، الله وحده يعلم ما قامميت فيهما، وكا، البرد يقص العظم،
ووصلت، فسالت: اين المختار؟ فنظروا إليئ مده وشين كأنهم يرون فيئ
جنيأ طلع عليهم، وقالوا: من أنت، وكيف جئت؟ اشلت: انا المعلم، وقد
جعت ماشيأ من نصف طريق صيدنايا. وكانوا رجا لا صلاب العود يقحمون
ا لأهوال، فعجبوا من شاب شامي يبدو في أنظارهم رقيق العود قليل الصمود
يفعل ما لا يقدمون على فعله. . . " (1).
!! ي!
لقد بدأ جدي التعليم مدزساَ في المدارس ا لابتدائية في الفرى، وقد
انطلق إلى هذا العمل مشحونأ بحماسة ندر أن نجد لها مثيلاَ لدى معفم
صبيان. ولكن طموحه كان أكبر من تعليم صبيان؟ كان - ابدأ - يريد أ ن
(1! ا لذكر يات: 3/ 2 1.
17