فكلفت التلاميذ انتخاب نفر منهم ليفلحوها ويزرعوها وعلمتهم كيف
يكون الانتخاب فانتخبوا ب! شرافي. بدأت منهجأ علمياً في التربية وفي
التعليم، ولكنهم لم يدعوني أتمه. . . فانهذ البناء كله لضا تركته " (1).
بعد ذلك انتقل إلى العراق - عام 1936 - مدزسأ في الثانوية
المركزية في بغداد، ثم في ثانويتها الغربية ودار العلوم الشرعية في الأعطمية
(ا لتي صارت كلية الشريعة)، ولكن روحه الوثابة (ا لتي لم يتركها وراءه حين
قدم العراق) وجرأته في الحق (ذلك الطبع الذي لم يفارقه قط) فعلا به في
العراق ما فعلاه به في الشام، فما لبث أن نُقل مرة بعد مرة، فعفم في
كركوك في أقصى الشمال وفي البصرة في أقصى الجنوب. وقد تركتْ
تلك الفترة في نفسه ذكريات لم ينسَها، وأحب بغداد حتى ألف فيها كتابأ
مما جاء في مقدمة طبعته الئانية التي كتبها عام 1990: "كان إخواننا في
العراق يقولون لنا: غداً ستنسوننا وتنسون بغداد، وها أنذا - بعد أكثر من
خمسين سنة - أتعلل بذكرى العراق، وأثني على العراق؟ ما نسيته،
ولا نسيه من إخواننا وأصحابنا الذين كانوا معنا أحد" (2). وكانت تجربته
بالتعليم الثانوي هناك مختلفة عن تجربته بالتعليم الابتدائي في الشام أئما
اختلاف، فقد انتقل من تلقين تلاميذ صغار محدودي الإدراك إلى تعليم
طلاب كبار يتلهفون للتلقي والتعقم، فتفجرت قريحته ونثر ذخائر علمه
بدون حساب: "أرأيتم الذي يملأ مستودعاته بالبضائع النفيسة والتحف
القيمة فلا يجد لها سوقأ الا سوق القرية، ثم تنفتح له الأسواق الكبرى
ويمبل عليه الشارون ويزدحم عليه الناس؟ كذلك كنت لما ذهبت إلى
العراق؟ كل ما حصلته من المطالعاب، وما كدسته في ذهني من
المعلوماب، وما اختزنته من أفكار ومشاعر، كان مسدوداً عليه الباب،
(1) ا لذكر يا ت: 3/ 0 1.
(2) بغد اد: مشا هد ات وذكريات، صه 1.
19