طريق لا يوصل، ويضحكون من أنفسهم، ويهنئونني على هذا القرار.
وذهبوا فحدثوا به في الأوساط القضائية في الشام، فكان - والحمد دئه -خير
ابتداء لعملي في القضاء " (1).
أمضى جدي في النبك قاضيأ لها نحو أحد عشر شهراَ، ئم كانت
تنقلات في وزارة العدل بين القضاة فنُقل قاضيأ إلى دوما؟ وهي قرية من
القرى المحيطة بدمشق، وقد اتصلت اليوم بها أو كادت، وكان بينهما في
تلك الأيام (عام 1942) خط ترام طوله ثلاثة عشر كيلاَ يقطع الطريق في
ساعة. وكانت محكمة دوما هي الطريق إلى محكمة دمشق، فمن ولي
قضاءها انتقل منها فصار قاضيأ في المحكمة الكبرى في دمشق. قال:
"وقد انتدبت أول الأمر أيامأ معدودة إلى محكمة دمشق فكان انتدابي إليها
وعملي الرسمي في دوما، ثم صرت قاضيأ رسميأ في دمشق، ئم القاضي
الأول في المحكمة، الذي كانوا يدعونه القاضي الممتاز" (2).
لقد صار قاضي دمشق الممتاز، فماذا صنع في هذا الموقع الذي
شغله عشر سنين كاملات؟ من سنة 1943 إلى سنة 1953 حين نُقل
مستشاراً لمحكمة النقض؟ قال: " كان عنوان أول مطبوعة صدرت لي سنة
1347 هو "في سبيل الإصلاح "، ولقد حرصت عمري كله ان أسلك هذا
السبيل، وكنت اوفق بحمد الله احيانأ وتعترضني العفبات فأتنكبها حينأ.
فتصوروا حالي وقد لبثت سنين ارى الرشوة والظلم والفساد ولا اقدر على
إزالته ولا على تقليله؟ كانت عيني بصيرة بالمعايب ولكن يدي كانت
قصيرة عن محوها. كنت أرى السيارة تسير على غير الطريق، ولكن
مقودها بيد غيري. كنت اعرف المرض وعندي دواؤه ولكن لا سبيل إلى
إيصاله إلى المريض. فالَان طالت يدي القصيرة، وتسلمت انا مقود
(1) لم أدرج القصة بتفاصيلها، وهي في الذكريات: 4/ 67 1.
(2) ا لذكريات: 4/ 9 5 2 0
24