كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

السيارة، وفُتح لي الباب لأحمل إلى المريض العلاج. إنها لذة من أكبر
اللذاذات؟ أن ترى الباطل غالباَ والحق مغلوباَ وترى نفسك عاجزاَ ثم
تُعطى القوة على دحر الباطل وعلى نصرة الحق. . . " (1).
ولكن أترونه اكتفى بهذه الأفكار والتأملات؟ لقد أحس بالمسؤولية
الجسمية التي القيت عليه حين صار إليه أمر المحكمة الشرعية، فلبث
ليالي أرِقأ يفكر ماذا يصنع حتى اهتدى إلى فكرة عجيبة انتظم بها أمر
المحكمة (2)، وانقطع بها ما كان من علل التسويف على العامة أو المحاباة
للخاصة. "ثم رأيت أن هذا كله علاج مؤقت لا يكاد يأتي منه الإصلاح
المنشود، فعملت على إبدال مَن في الديوان واحداَ بعد واحد، واعانني
الله اولاَ ب! خلاصي وبأنني لا ابتغي من ذلك جز منفعة لنفسي ولا درء مضزة
عنها، والله يعلم ذلك مني. . . " (3) 0 اما تفصيل سيرته وما عمله في محكمة
دمشق فله حديث طويل، فانظروه في آخر الجزء الرابع من الذكريات
المنشورة.
وقد اقترح - لمّا كان قاضياَ في دوما - وضع قانون كامل للأحوال
الشخصية، فكُلف بذلك عام 1947 وأوفد إلى مصر مع عضو محكمة
الاسشاف الأستاذ نهاد القاسم (الذي صار وزيراَ للعدل أيام الوحدة)
فأمضيا تلك السنة كلها هناك، حيث كُلف هو بدرس مشروعات القوانين
الجديدة للمواريث والوصية وسواها كما كُلف زميله بدرس مشروع القانون
المدني. وقد اعد هو مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا
المشروع اساساَ للقانون الحا لي، وأشير إلى ذلك في مذكرته ا! يضاحية.
(1)
(2)
(3)
ا لذكر يا ت: 4/ 0 7 2.
وكان ذلك أول تغيير أدخله على المحكمة، وله قصة عجيبة في الطريقة التي
نفذه فيها، فاقرؤوها في موضعها من الذكريات: 4/ 1 27 وما بعدها.
ا لذكر يات: 4/ 5 7 2.
25

الصفحة 25