الاَثار ا لقديمة
بدأ علي الطنطاوي الكتابة والنشر مبكراً؟ فأما أول مقالة نُشرت له
في صحيفةٍ فقد مرّ بكم خبرها، وكان في السابعة عشرة من عمره 0 واما
أول كتاب طبعه فكان في سنة 1930 (ولمّا يُتِئمَ الحادية والعشرين من
عمره) واسمه "الهيثميات ". وفي تلك السنة ايضأ والتي تلتها اصدر علي
الطنطاوي مجموعتين من الرسائل: رسائل "في سبيل الإصلاح "،
ورسائل "سيف الإسلام "، كما نشر في السنة نفسها كتاب " بشار بن برد".
هذه المجموعة من المؤلفات - بالإضافة إلى: " كتاب المحفوطات " و" في
بلاد العرب " و"عمر بن الخطاب " و"من التاريخ الإسلامي " - هي الاثار
القديمة لعلي الطنطاوي التي اختفت من الأسواق من عشرات السنين ولم
تطبع مر! اخرى. فلماذا لم يُعِد طباعتها من بعد؟ تعالوا نستعرض هذه
المؤلفات ببعض التفصيل؟ ففيها الجواب على هذا السؤال.
فأما باكورة كتبه؟ "الهيثميات "، فيضم مجموعة من المقالات التي
نشرها في تلك السنة في "فتى العرب " و"الزهراء" و"الناقد" وعددها اثنتا
عشرة مقالة، وقد جاء الكتاب في تسعين صفحة من القطع المتوسط
(14*21)، وفي آخره "كلمة ختامية " قال فيها: " إنني انشر هذا السفر
راضيأ عنه، ولكن لا اَبعدَ الله ذلك اليوم الذي اوذُ فيه لو خسرت مئة دينار
- كنتُ أملكها - ولم أكن نشرته؟ لأنني أشبه بصاعد جبلٍ يبلغ منه التعب
ويتندّى جبينه من العرق، فيلتفت فيراه بلغ عاليأ فيسر ويفرح، ولكنه
يعاود الصعود فيرى ما حسبه عاليأ يكاد يلصق بالأرض. ولمَ لا؟ ولمَ
لا اندم إذا بلغت الأربعين (وما احسبني بالغها) على ما نشرته وأنا أضرب
بعمري بين العشرين والواحدة بعد العشرين؟ ولكن هذا لا يمنعني من
نشره؟ لأن من لا يأتي بالقليل لا يأتي بالكثير، ومن لا ينتقل خطوة
37