إنه اضاع اوراقها وعجز عن العودة إليها لماكمالها. ولو انه صنع او ا ن
المحاضرة وصلتنا كاملة لكان فيها بحث من افضل ما الّف في هذا
الموضوع.
ومما يثير العجب ويدعو إلى الإعجاب في هذا الكتاب مقالة
"الحلقة المفقودة " التي كتبها الشيخ ونشرها عام 937 1 (اي حين كان في
الثامنة والعشرين من عمره). في هذه المقالة تشخيص للداء واقتراح
للدواء، يكاد يحسب مَن يقرؤه انه كُتب اليوم. قال فيها: "نحن اليوم - في
الشرق الإسلامي - في دور انتقال ليس له وضع ثابت ولا صفة معروفة؟
فلا نحن نعيش حياة إسلامية شرقية كما كان يعيش اجدادنا، ولا نحن
نعيش حياة غربية كالتي يحياها الأوروبيون. . . في حياتنا جانبان مختلفان
ولونان متباينان: جانب يميل إلى المحافظة، وجانب يجنح إلى التجديد،
وهذان الجانبان تلقاهما في كل عهد من عهود الانتفال في التاريخ. . .
فرجالنا المثقفون وعلماؤنا بين رجلين: رجل درس الثقافة الإسلامية
ولكنه لم يفهم شيئأ من روح العصر ولا سمع بالعلم الحديث، ورجل فهم
روح العصر ودرس العلم الحديث ولكنه لم يدرِ ان في الدنيا شيئاًاسمه
ثقافة إسلامية. فمن اي هذين الرجلين ننتظر النفع؟ لا من هذا ولا من
ذاك، ولكننا ننتظر النفع من الرجل الذي عرف ا لإسلام وعلومه وفهم روح
العصر وألئم بالعلم الحديث. هذه الطبقة المنتظَرة من العلماء، هذه الحلقة
المفقودة، هي التي يُرجى منها أن تقوم بكل شيء. . . من هذه الطبقة يُنتظر
النفع والفلاح، وعلى هذه الطبقة واجبات كثيرة يجمعها أصل واحد؟ هو
دراسة الإسلام على اساس العلم الحديث واستخراج رايه في مشكلات
العصر وحكمه في الأحداث التي لم يعرفها الفقهاء ولم تحدث في
أيامهم. . . "، وفي المقالة امثلة وتفصيل. أفلا ترون اننا ما زلنا نعاني
المشكلة ذاتها بعد ثلثي قرن من الزمن؟!.