كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

الثانوية فصجب منها مَن قراها، ولن اتحدث عنها بل أدع كشفها لمن لم
يعرفها من قبل من القزاء.
وفي الكتاب مقالات من الأدب المحض، منها " مرثية غراي " التي
قرأها عليه - كما ذكر في اولها - صديقه حيدر الركابي فصاغها بالعربية،
و"القبر التائه " و"كتاب تعزية " و"وقفة على طلل ".
وفيه مقالات فلسفية منها: "السعادة" و"بيني وبين نفسي " و"بين
البهائم والوحوش " و"لا اؤمن بالإنسان " و"رقم مكسور". ومقالات
اجتماعية منها: "تسعة قروش " و"اعرف نفسك " و"في الترام " و"في
الحب ".
وأخيراَ، إليكم مقطعأ من مقالة "انا والإذاعة "، وقد اذيغت من
إذاعة دمشق عام 942 1: ". . . وإذا هم يدخلونني من دهليز إلى دهليز،
حتى انتهبت إلى زاوية مظلمة، فأشاروا إلى باب وقالوا: " هُسْ "، إياك أ ن
تتكلم، 1،* تعطس، او تسعل، أو تخبط برجلك، او تدق بيدك، أ و
تُخَشْخِش باوراقك! قلت: فكيف إذن أتحدث؟ قالوا: إذا جاء فىورك
تكلمت. ورايت مكتباَ ما عليه إلا علبة قائمة على عمود من الحديد وقد
وقف أمامها شاب يصوت اصواتأ بعضها يخرج من حلقه وبعضها من
صدره وبعضها من بطنه، ويتخفع ويتلوى مع النغمات، فأجهدت ذهني
خمس دقائق كاملات لأعرف ماذا يصنع هذا الرجل: أيغني أم يخطب، أ م
هو مصر، ع معتوه يخفط، فلم اهتدِ إلى حقيقته. ثم سكت وتقدم من
العلبة احد موظفي المحطة فقال: لقد انتهت الحفلة الموسيقية. فقلت:
إذن هي حفلة موسيقية؟ سبحان القادر على كل شيء! واقبل الموظف
عليئ فأشار بيده إلى حيث كان يقف الشاب صاحب الأصوات المخنثة،
فقلت: ماذا؟ أ اعمل انا ايضأ حفلة موسيقية؟ قالوا: هس. . هس! وأدار
مفتاحأ كمفتاح الكهرباء وجعل يكلمني بلسانه بعد أن كان يتكلم بيديه
49

الصفحة 49