كتاب علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء

ونصرتهم؟ اللهئمَ ارحمه واعفُ عنه وافسح له في قبوه ونور له فيه قدرَ
ما جاهد في سبيلك واهتم بعبادك وسعى لنصرة دينك، اللهئمَ آمين.
وهو يتدفق - في هذه الخطب والمقالات -حماسة ويلتهب انفعالاَ،
حتى ليكاد القارى يقفز عن كرسيه او يرمي من يده الكتاب وينطلق إلى
ساحات الوغى وميادين الجهاد. اقرؤوا هذا المقطع من مقالة " خطبة
الحرب " وتخيلوه وهو يلقيه بصوته القوي الهادر (الذي كان يُسبم الجامع
الأموي كله بلا مكبر): "إنها معركة الخير والشر قد عادت، ونحن ابداَ
حملة لواء الخير في الدنيا، ونحن حماة الحق في الأرض. ما اضعنا
الأمانة التي وضعها على عواتقنا خمسة ملايين من شهدائنا نثرناهم في
الأرض طوال القرون. هذا تاريخنا، ما سمعت اذن الزمان تاريخأ احفل
منه بالمفاخر، واغنى بالنصر، واملأ بالأمجاد، ووالله - الذي جعل العزة
للمؤمنين وجعل الذلة لليهود - لنكتُبن هذا التاريخ مرة ثانية، ولنتلون على
الدنيا سفْر مجدِ يُنسي ما كتب الجدود، ولنجعلن اساسه ضربأ لا تئبت له
شوامخ الصم من اجلاد الكرمل ولا هام المردة من شياطين الجحيم،
فكيف برؤوس اللصوص الغاصبين؟ ولنحاربن بالنار والحديد والبارود،
وبالسيوف والخناجر والعصيئ، ف! ن لم نجد يومأ السلاحَ حاربنا بأيدينا.
ولنسوقن إلى الحرب شبابأ انضر من الزهر، وابهى من الضحى، وائبت من
الجبل، وامض من العاصفة، ف! ن لم نجد يوماَ شباباَ سُقنا إليها الشيوخ
وا لأطفال والنساء. فيا ايها العرب في كل ارض، يا أيها المسلمون تحت كل
نجم، يا ايها الرجال ويا ايتها النساء، لقد ازفت ساعة المعركة الفاصلة،
فليحمل كل منكم نصيبه منها، واعلموا ان الظفر لكم. يا ايها المجاهدون
في عُمان وا لجزا ئر وا لقرى ا لأمامية، ويا أيها العاملون على تحطيم آخر صنم
للاستعمار في بلاد العرب، اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم
تفلحون ".
اما فلسطين فلا أحسب أن احداَ - من أهلها أو من سواهم - اهتم بها
55

الصفحة 55