رلمِّانحيّ!
كان جدي يقرا في كل موضوع وينظر في كل كتاب يقع بين يديه،
ولكنه كان يفضل أشياء على أشياء، فكان أكثر ما يحب قراءته كتب الأدب،
وفي المقام الثاني -بعدها -كتب التاريخ. ولقد قرأ - من شبا به -كتب التاريخ
الطوال؟ كتاريخ الطبري والكامل لابن الأئير، والبداية والنهاية لابن كثير
وأمثالها، بل وقرأ بعضها مرات فيما أعلم (1). وقد كان يوصينا - ونحن
شباب - بقراءة كتاب "تاريخ الخلفاء" للسيوطي، ولقد رأيت في مكتبته
نسخة منه قديمة كتب في اول صفحة منها عدد المرات التي قرأ فيها الكتاب
وسنة كل قراءة فوجدته قد قرأه أكثر من عشرين مرة. وقد قال عن نفسه في
مقدمته للطبعة الجديدة من كتاب "رجال من التاريخ ": "أنا مدمن القراءة؟
يومي كله - إلا ساعات العمل - أمضيه في المطالعة ومحادثة الكتب،
وكثر ما أولعت به التاريخ. . . فأنا اقرأ كل ما أصل إليه من تواريخ العرب
وغيرهم، ومن المذكرات والرحلات والمشاهدات ".
فلم يكن غريبأ- إذن -أن يتجه للكتابة في التاريخ مبكراً. ولئن كان
قد قرأ في التاريخ كل هذه الكتب الطويلة، فإن كثر ما كان يحب أن يُظهره
منه للناس هو سير عباقرة الإسلام ومواقف المجد والعظمة في تاريخه،
(1)
قال جدي في كتابه "في اندونيسيا"، ص 186: قرات تاريخ الطبري كله غير
مرة، وتاريخ ابن الأئير، وابن كثير، والمسعودي، وابن خلدون، وتاريخ ابن
الجوزي، وابي شامة وذيله، وقرات تاريخ الخلفاء للسيوطي مرات، ونظرت
في كتب التراجم فقرات منها ما لا احصيه.
83