ارفع منصب علمي على ايامه، وهو أنه صار مدير الجامعة الكبرى؟ أ ي
شيخ دار الحديث الأشرفية، وهو صاحب "المجموع "؟ أكبر مرجع في
فقه الشافعية. أما عرفتموه؟ إنه النووي ".
لقد كان من دأب جدي - في نحو عام 0 195 - ان يذيع حديثأ عن
عَلَم من الأعلام كل اسبوع من إذاعة دمشق كما رأيتم من فبل، والظاهر انه
قد انقطع عن هذا الباب نحو عشر سنين ثم عاد إليه بهذه الكتيبات. ولكنه
لم يجعلها - في هذه المرة -حديئأ موجزاَ كما كان شانه من قبل، بل دراسة
متكاملة (في غير تطويل) لا يفرغ منها القارى إلا وقد احاط بصاحب
الترجمة إحاطة كاملة.
وقد كانت طريقته في تأليف هذه الكتيبات مشابهة لطريقته في إنشاء
الفصول التي اودعها كتابه الكبير "رجال من التاريخ "؟ ففي كِلا الحالين
كان يَدرُس العَلَم الذي يريد الكتابة عنه -كما حدّثنا اَنفأ- ئم ينتقي من
أخباره ما يجعله مدخلاَ للحديث عنه، وهو لا يحشد - بعد ذلك - الأخبار
والمرويات بل يقدمها لنا بصورة ادبية جميلة هي وسط بين القصة الأدبية
والرواية التاريخية.
ها هو ذا مطلع حديئه عن عبد الرحمن بن عوف: "دجا الليل،
فخلت طرق مكة، وانفضت مجالس فريش من حول الكعبة، وراح
السامرون يغشون البيوت، واجتمع في بيت ابي بكر هؤلاء النفر من
أصدقائه الذين أخلصوا له الود ومحضوه الحب؟ عثمان وسعد والزبير
وطلحة وابن مظعون وابو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف. ولكنهم لم
يجتمعوا هذه الليلة لحديث يديرونه وليل يمضونه كما يجتمع الأصحاب
والأصدقاء، إنما اجتمعوا لأمر جلل دعاهم له ابو بكر. إنه يحمل إليهم
خبراَ ليس كالأخبار، خبراَ لم يسمعوا بمثله قط. . في تلك الساعة وُلد
عبد الرحمن ولادة جديدة، كما وُلد بالإسلام كل واحد من الصحابة
الكرام من جديد".
96