كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
كان محبوباَ إلى جميع الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم،
فلما توفي عزى به الزعماء المسلمون وزعماء سائر الحركات السياسية
والاجتماعية بمختلف مذاهبها ومدارس فكرها، وتجشَم معظمهم مشاق
السفر إلى (راي بريلي) لتفديم العزاء، وأكَدوا ثقتهم في الشيخ محمد
الرابع الحسني الندوي الذي انتخب خلفاً له، الذي كان اقرب الناس إلى
سماحة الشيخ واكثرهم ثقة واعتماداً في امور ندوة العلماء، وأموره
الشخصية، وقد رافقه في جولاته ورحلاته العالمية، وكان ينوب عنه في
كثير من المناسبات التي لم يستطع سماحته الحضور فيها.
لقد وصل إلى فضيلة الشيخ محمد الرابع المئات من رسائل التعزية
بعد وفاة سماحة الشيخ، وعقدت اجتماعات كثيرة لذكر مناقب الشيخ
الندوي، واصدرت مجلات وصحف بلغات مختلفة اعداداً خاصة تتناول
شخصيته وفكره ومزاياه، كما عقدت ندوات في الهند خاصة وفي الكثير
من بلاد العالم الإسلامي لبحث جوانب من تلك الشخصية الكبيرة،
وخصصت كراسي في الجامعات الهندية باسمه الكريم.
وإن دل ذلك على شيء فإنما يدكُ على الدبئ الغامر الذي ارتبط
بشخصية سماحته، والقبول العام الذي كان يحظى به في جميع الأوساط.
ليس لمجرد افكاره ودعوته إلى الوسطية والاعتدال، بل لأنه كان مثالاً
للخلق الإسلامي، ولأن حياته كانت صورة لأفكاره ومثله.
إنه لم يكن من المغالين ولا من المتسامحين في امور الدين. كان
متسامحأ في خلقه مع الناس وكان شعاره كما كان يعلنه في خطبه وكتاباته:
" اخ إِكَ سَبِيلِ هئك بِاَلحكمَةِ وَاَئمَؤعِظَةِ اَلحسَنَةِ وَبخَدِئهُص بِاَلَتِىصَ اَخسَ! ب! "
أ النحل: 125،. وكان هتمُ المسلمين بل الإنسانية يشغل فكره كل وقت،
وكان في دعوته وتربيته وسلوكه مع الناس وحياته الخاصة يتمسك
10