كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
الإيمان المتدفق، والعقيدة القويمة الراسخة في شخصه وقلبه.
ولما شمث وتوخه بإخلاص وحماس إلى ميدان الدعوة وتجوَل في
المدن والقرى والأرياف في بلاده وبلاد العالم والتفى بالمسلمين وقرأ
مؤلفاتهم وجرائدهم، أحزنه ضعف هذا الجانب عند المسلمين، فبدا
يركز عليه في محاضراته وخطبه ومواعظه وأحاديث المجالس وكلماته
التي أذيعت من الإذاعات العربية وا لإسلامية. وإليكم كلمة تحدَث بها عن
الأسباب والعوامل التي دعته إلى جمع تلك الخطب والأحاديث في كتاب
(الطريق إلى المدينة):
"وهال المؤلف وأفزعه ضعف العاطفة في هذه البلاد وضعف
الصلة الروحية والعاطفة بالنبي ع! فه، وهو خطر كبير، يمفد لكل ثورة،
ولكل اضطراب، ولكل ضعف، ولكل نوع من أنواع الفوضى، وقد
تمالأت عوامل كثيرة ودعوات عديدة على تجفيف منابع هذا الحب
وإضعافه على الأقل، وأصيبت النفوس بجفاف في الشعور وفي التفكير،
وسرى ذلك في الأدب والشعر، وتعدَى إلى الدين ومظاهره، وقد أراد
المؤلف أن يكون جنديأ صغيراً في مهاجمة هذا التئار، وفي إثارة هذا
الحب الدفين والعاطفة - التي اعتقد أنها كامنة كشرارة في الرماد في قلب
كل مسلم - وتغذيتها وتنميتها، فجمع لهذا الغرض ما كتب من مقالات
وما ألقى من محاضرات وأحاديث في خلال هذه السنوات " (1).
طبع الكتاب أول مرة في المدينة المنؤَرة، فكان له تأثير كبير
(1) مقدمة الكتاب، ص 6 طباعة دار القلم بدمشق، وكاتَ لسماحة الشيخ
مثل هذه الكلمة عن تلك العواطف والانطباعات في مؤلفاته عن السيرة النبوية
ما بين صغير وكبير، وكلمة مؤثرة رائعة في كتابه ماذا خسر العالم: محمد
رسول الله روح العالم العربي.
112