كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
جميع هذه المقالات والمحاضرات كتبت وألقيت في مناسبات
مختلفة، وبظروف وألوان متنوعة، ولكن مقاله الثائر المؤئر الرائع:
(ردة. . . ولا أبا بكر لها) الذي كتب افتتاحية لمجلة (المسلمون) بطلب
من رئيس تحريرها الدكتور سعيد رمضان رحمه الله كان له صدى خاص،
فحينما صدر المقال اثار الشعور، وهزَ القلوب ولفت الأنظار، واقبل
القزاء العرب عليه إقبا لا منقطع النظير.
أذكر أنني كنت مع زملاء لي في كلية الشريعة بجامعة دمشق، إ ذ
دخل علينا فضيلة شيخنا المحدث الجليل السيد محمد المنتصر الكتاني
المراكشي رحمه الله وكان متحفساً ومهتزاً، رافعاً صوته بتأثر بالغ، وفي
يده اليمنى مجلة (المسلمون) ومخاطبأ تلاميذه: سأقرأ لكم في هذه
الحصة مقالاً للشيخ ابي الحسن لم يصدر مثله، وهو تعبير صادق واقعي
دقيق لحاضر المسلمين، وقرأ المقالة فبكى وأبكى، وأدمع العيون،
وأدمى القلوب، وأئار الشجون، وحفز همم الشباب، فتحمَسوا للعمل،
وعقدوا العزم للسير قدمأ إلى ميادين الدعوة والإصلاح والرشد
والهدى، وإلى الإسلام من جديد.
تحدث سماحة الشيخ رحمه الله في مقاله عن ردَة اكتسحت العالم
الإسلامي بعد الغارة الأوروبية الغاشمة فقال:
"ولكن حرب العالم الإسلامي في العهد الأخير ردة اكتسحت عالم
الإسلام من اقصاه إلى اقصاه، وبزت جميع حركات الردَة التي سبقتها في
العنف وفي العموم، وفي العمق والقوة، ولم يخلُ منه قطر، وقفما خلت
منها أسرة من أسر المسلمين، هي ردَة تلت غزو أوروبة للشرق الإسلامي،
الغزو السياسي والثقافي، وهي أعظم ردَة ظهرت في عالم الإسلام وفي
تاريخ ا لإسلام، منذ عهد الرسول لمجيم إ لى يوم الناس هذ ا " (1).
(1) إلى الإصلام من جديد، ص 172 - 173 طبعة دار القلم بدمثق.
6 2 1