كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
4 1 - الصراع بين الإيمان والمادية
إن الأستاذ الندوي رحمه الله كان من العلماء الدعاة الذين تعمَقوا
في دراسة التاريخ الإسلامي والعالمي، وأصبح لهم باع طويل في هذا
الموضوع، وكان قد أوتي مواهب وكفاءات متميزة نادرة في الفهم الصادق
الشامل لقضايا التاريخ ومشكلاته ومسائله، وتحليلها تحليلاً واقعيأ دقيقاً،
وكان في كتاباته ومؤلفاته كفها يتَسم بهذه الميزة، وكانت آراؤه ونتائجه
موضوعية، تتصل بالدعوة والإصلاح وخير الأمة وفلاح ا لإنسانية.
وقد عالج في كتابه هذا القصص الأربعة التي وردت في سورة
الكهف، وتأمَل في هذه السورة بعمق وشمول، وكان يقرأ هذه السورة منذ
أن فتح عينيه على الحياة كل جمعة إلى أن وافاه الأجل، ويفكر فيها
ويستعرض عناصرها ووقائعها ورجالها، ومراميهم وأهدافهم.
لقد درس حياة رجال هذه القصة وقارن حياتهم بحياة هذا العصر،
فلمس نفس الصراع الذي كان في حياة هؤلاء الأربعة، الذي يشاهد في
الحياه المعاصرة وهو (الصراع بين الإيمان والمادية)، وهو نتيجة حضارة
مادية سواء كانت في القديم او في العصر الحديث، لا تختلفان.
لقد ظهر له أن تلك القصص التي تنوعت أساليبها وسياقها اتحدت
في الغرض والغاية، والروح التي تجمع بينها وتربطها ربطاً معنويأ، عميقاً
وثيقأ، إن السورة تحكي قصة الصراع بين النظريتين والعقيدتين
والنفسيتين، صراع بين الإيمان بالمادة وما يتبعها، وبين الإيمان بالغيب،
131