كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
الصغر أحاديث وروايات عرَّفتني بتاريخ ندوة العلماء، ورجالها ومؤلسِّسيها
الكبار، ووقَفَتْني على آرائها وأفكارها، فقد كان مربيَّ ووليئَ امري اخي
الأكبر، وأستاذي الشفوق الحبيب الشيخ (خليل بن محمد اليماني)
واستاذي الاخر هو عمُّنا السيد (طلحة الحسني) الذي تناول في بعض
الجوانب تربيتي العقلية، كان كل واحدِ منهم خرِّيجَ الندوة، والمقتطف من
ثمراتها، والمستفيد بها (1).
هذه البيئة والتربية الفكرية والأجواء العلمية والأدبية جعلته يتشبعَ
بروح ندوة العلماء ورسالتها الإصلاحية العامة الشاملة للمدارس والمعاهد
والحركات الدعوية في البلاد، فركَز جهوده على إصلاح المناهج
والمقررات الدراسية، وترقية المناهج التعليمية، ورفع مستواها وتطويرها
حسب مقتضيات العصر (2) بجنب التدريس فيها.
كانت اللغة العربية والأدب العربي أصيبا بلوثة أعجمية ذهبت
بروائهما وبهائهما، وقيدتهما بسلاسل وأغلال افقدت حرثتهما وانطلاقهما
وخفَة روحهما وجمالهما، وذلك بظهور كتَاب وادباء في العصر الأخير،
ترئعوا على عرش الأدب العربي أمثال ابي إسحاق الصالي وابن العميد
والصاحب ابن عبَاد والخوارزمي والهمذاني والمعزي، فاخترعوا أسلوباَ
للكتابة اختلف عمَّا سبقهم، كانت الصناعة وا لسجع والبديع يغلب عليهم.
وجاء بعدهم أبو القاسم الحريري بمقاماته بنفس الأسلوب المسجَّع
بل غلا فيه وتلاعب بالألفاظ المنفقة والكلمات المطزَزة، وسار القاضي
الفاضل على هذا الدرب، واتبع هذا المنهج الذي ورئه من بديع الزمان
الهمذاني وأدي القاسم الحريري، وكانت له دَوْلة وصوْلة فسيطر على
(1) في مسيرة الحياة: 1/ 13 1 - 4 1 1.
(2) المصدر السابق: 1/ 2 1 1.
43