كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل
الأوساط الأدبية وتحكم على هذا الأسلوب الفريد، فففَده الأدباء والكتَاب
الذي خلفوه، فانشغلوا به، فأصيبوا وأصيبت اللغة العربية بالجمود والعقم
إلى أن أمسك زمام الكتابة في ا لبلاد ا لعربية العلأَمة ابن خلدون وفي شبه ا لقار ة
الهندية الإمام ولي الله الدهلوي، واختارا أسلوباً طبيعياً متدفقاً بالحياة والفوة
والجمال، أولهما في (المقدمة) وثانيهما في (حخة الله البالغة).
وانتعش الأدب العربي ونما وترعرع، واخذ في العصر الحديث
يستعيد قيمته ومكانته وحيويته ونشاطه، ولكن المعاهد والمدارس كانت
ولا تزال ششثث بذلك المنهج والمقزَر الدراسي القديم الذي لم يكن يبيح
لنفسه ان يختار اسلوباً غير الحريري ومقاماته. وزاد الطين بَفَة حينما ألَف
كاتب هندي شيعي كتاباً لتعليم اللغة العربية لواحد من سادته الإنكليز
(نفحة اليمن) فلم يكن الكتاب إلا دُمْية يلهو بها طالب ومدزَس، أو لعبة
يتسفَى بها دارس في أوقات الفراغ والتسلية ليس غير، ولم ينتبه إلى وضع
منهج جديد حيوي مفيد في ضوء أدب الإمام الدهلوي اولئك الذين كانوا
يحمدون فعلته، ويعتبرون أنفسهم تلامذته، وينتمون إلى مدرسته، بل إنهم
تغافلوا وغفحوا النظر عن تلك الثروة الأدبية الزاخرة، ولم يستفيدوا منها إلا
نادراً كما أشار إليه العلامة الشيخ عبد الحي الحسني في رسالته (المقزَرات
الدراسية لمدارس الهند وتطوراتها) وتأشَف على هذا الموقف المؤلم
سماحة الشيخ الندوي وقال:
"وقد جنى هذا الإهمال على اللغة والأدب وعلى الكتابة والإنشاء
وعلى التأليف والتصنيف وعلى التفكير، فقد حرمه مادة غزيرة من التعبير
وباعثاً فوياً للتفكير" (1).
(1) مقدمة مختارات من أدب العرب، ص 7 1.
44