كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل

ولعدلتُ عن هذه الفكرة، ولو ذكرت ذلك لأحد من العقلاء العلماء
والكتَاب الفضلاء، لأشاروا عليئَ بالعدول عن خوض هذه المعركة العلمية
العقلية، ولكنه كان من الخير أنني لم أستشر احداَ، كما يقول الدكتور
محمد إقبال: "ليس من الخير أن تستشير عقلك دائماَ، فنج عقلك جانباَ
في بعض الأمور، فإن العقل يصور لك الخوف في معارك خطيرة، ويشير
عليك بالابتعاد عن مثل هذه التجارب المريرة " (1).
كان الموضوع خطيراَ وجديداَ، على عكس ما اعتاده الناس، ولم
يطرقه الكتاب والمؤلفون والمفكرون، وكفَما تعزَضوا لقضية المسلمين
وخسارتهم وانحطاطهم وتخفُفهم حصروها في أسباب وحوادث ربطوها
بالثورة الصناعية في اوروبة، أو بنهضة الغرب الحديثة أو بانقراض
الخلافة الإسلامية أو، أو. . . ولكن المولف الفاضل قد تخطَى هذا
الطريق المرسوم العادي وربط خسارة العالم بانحطاط المسلمين،
وحرمان الدنيا بتخفُف الأمة الإسلامية، كأن المسلمين هم العامل العالمي
المؤثر في مجاري الأمور في العالم كله (2).
كان الموضوع يحتاج إلى مطالعة واسعة عميقة، وإلى دراسة واعية
جامعة، وهي تحتاج إلى مصادر عربية وأجنبية كثيرة وافرة، وهي قليلة في
هذه البلاد النائية عن مركز العروبة والعربية، والنازحة عن الكشوف
والبحوث الغربية الحديثة، وكانت الأيام، أيام حرب عالمية، الروابط
وا لأواصر والمواصلات متقطعة، فقد كانت بدا ية التأ ليف في الأربعينيات.
ولكن مؤلف الكتاب النابغة العبقري كان قد درس المؤلفات
الفديمة والحديثة وتاريخ العالم وتاريخ اخلاق اوروبة، وكان وثيق الضلة
(1)
(2)
فصة كتاب، ص 4 1 - ه ا.
المصدر السابق، ص 19.
82

الصفحة 82