كتاب أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل

ببعض المكتبات الغنئة الزاخرة التي لا تألو جهداً في تقديم كل كتاب
يحتاج إليه الفارى المرتاد إلى نقل هذه المكتبات، فعقد العزم وشفَر عن
ساق الجد، لإعداد هذا الكتاب القئم المثير، وأجهد نفسه، وواصل الليل
بالنهار، وبدأ يجمع المعلومات ويلتفط، ويرتاد المكتبات ويراجع
المصادر، ويقابل الشخصيات ورجال العلم والفكر، ويستاذنهم في ارتياد
مكتباتهم الشخصية. لفد حكى لي وهو في بيت فضيلة الشيخ
(عبد الوهاب الصلاحي) رحمه الله في دمشق، يملي عليئَ مقالته عن
(ثلاثة أيام في لبنان) فقال: " سألت فضيلة الشيخ عبد الماجد الدريابادي (1)
عن بعض المراجع الإنكليزية والأوروبية التي تتعلق بموضوعي، فقال:
توجد كفُها في مكتبتي ويمكنك أن تستفيد منها، فكتبت إليه عن موعد
وصولي إلى قريته (درياباد) وكانت تبعد من مدينة لكهنؤ خمسين كيلو
متراً، وكان القطار ينطلق من لكهنؤ في الصباح الباكر ويعود في المساء،
فكانت لي فرصة نهار كامل.
وصلت إلى منزل فضيلة الشيخ حسب الموعد فرخَب بي، وسألني
عن برنامجي، فقلت له ساًبفى طول النهار أنتفع من المكتبة أخرج منها
للصلوات فحسب، ولا أتغدَى، وأعود قبل العشاء ب! ذن الله فقال: مرحباً.
ونادى الخادم فقادني إلى المكتبة حول طاولة كانت جميع الكتب التي
ذكرتها مرصَعة ومنشَقة عليها، وعندها قلم وأوراق للكتابة، وتركني فيها
وراح، وجلست اقرأ المصادر وأكتب ما أريد، ولا أشعر إ لا بالخادم يحمل
إليئَ بين الفينة والفينة كأساً من شراب الليمون أو شراب الرمان أو التفاح
أو ما يشبه ذلك من المشروبات الباردة المثلجة، وكانت الدنيا صيفأ،
(1) كان من كبار المفكرين والفلاسفة الإسلاميين والكتأب البارزين
83

الصفحة 83