كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ} وهي بيت المقدس، أو أريحاً؛ وهي بلد بالشام {رَغَداً} الرغد: سعة العيش {وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} أي حينما تدخلون باب هذه القرية: اسجدو الله تعالى؛ شاكرين فضله وأنعمه {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} مسألتنا حطة؛ أي نطلب حط الذنوب عنا. وهو كناية عن التوبة وطلب المغفرة
{رِجْزاً} عذاباً {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} الفسق: الترك لأمر الله تعالى، والعصيان، والخروج عن طريق الحق، وجادة الصواب
{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} طلب لهم السقيا من الله تعالى {فَقُلْنَا} له {اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ} فضربه {فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} وذلك أنه لما اشتد العطش ببهي إسرائيل: طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعو ربه ليرسل لهم الماء؛ فدعا الله تعالى؛ فقيل له: {اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ} فضربه {فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} تفيض بالماء؛ وذلك بعدد رؤساء الجند {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} أي قد علم كل فرقة من الجند عينهم التي يشربون منها {وَلاَ تَعْثَوْاْ} العثو: أشد الفساد
{لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} وهو {الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} {بَقْلِهَا} البقل: ما تنبته الأرض من الخضر؛ كالفول والفاصوليا واللوبيا، والحمص وأمثالها؛ وهو ما ينبت في بزره لا في أصل ثابت {وَفُومِهَا} الفوم: الثوم. وقيل: الحنطة {الَّذِي هُوَ أَدْنَى} أقل وأحقر {اهْبِطُواْ مِصْراً} المصر: العاصمة. أي اهبطوا مصراً من الأمصار، أو هي مصر نفسها {فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} من البقل، والقثاء، والفوم، والعدس والبصل.
-[12]- {وَضُرِبَتْ} جعلت {عَلَيْهِمْ} وصارت لزاماً لهم {الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} أعطاهم الله تعالى جميع ما سألوا، ووهبهم فوق الذي طلبوا؛ فما زادهم ذلك إلا طغياناً وكفراناً؛ فسلبهم العزة، وألبسهم الذلة. وليس المراد بالمسكنة: الفقر نفسه؛ بل المراد لازمه؛ وهو الحقارة، وقلة الشأن، والصَّغار. ومصداق هذه الآية: اضطهاد العالم أجمع لليهود، وتشتيتهم في سائر الممالك؛ حيث لا وحدة تجمعهم، ولا رابطة تضمهم؛ اللهم سوى ما اغتصبه بعض الأفاقين من أرض فلسطين؛ وهو عائد إلى أربابه بإذن رب العالمين {وَبَآءُوا} رجعوا

الصفحة 11