كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} ب الله تعالى، وبرسوله محمد {وَالَّذِينَ هَادُواْ} اليهود. من هاد: إذا تاب ورجع إلى الحق، وهم قوم موسى عليه السلام {وَالنَّصَارَى} وهم قوم عيسى عليه السلام. قيل: سموا نصارى؛ لتناصرهم وتآلفهم على دينهم - وقت تسميتهم - وقيل: نصراني؛ نسبة إلى نصورية: بفتح النون، وضم الصاد، وكسر الراء وفتح الياء قرية بالشام {وَالصَّابِئِينَ} الخارجين من دين إلى آخر؛ من صبا: إذا مال. وقيل: هم قوم عبدوا الملائكة. وقيل: إنهم كانوا يعبدون الأنجم والكواكب. وقيل: هم قوم على ملة نوح عليه السلام؛ استمروا على إيمانهم به، فلم يقبلوا اتباع من أرسل بعده من الرسل {مَنْ آمَنَ} إيماناً حقيقياً كاملاً؛ من هؤلاء الذين آمنوا بمحمد، أو آمنوا بموسى، أو آمنوا بعيسى، أو آمنوا بنوح؛ من آمن منهم {بِاللَّهِ} وعظمته وقدرته ووحدانيته {وَالْيَوْمِ الآخِرِ} القيامة؛ وما فيها من عقوبة للعاصين، ومثوبة للطائعين {وَعَمِلَ صَالِحاً} في دنياه؛ تقرباً إلى مولاه وذلك لأن الإيمان لا ينفع ولا يجدي؛ ما لم يكن مقروناً بالعمل الصالح {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} أي فلهؤلاء المذكورين جزاءهم على إيمانهم
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} العهد عليكم بالعمل بما في التوراة {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} الجبل. قيل: لما جاء موسى عليه السلام لبني إسرائيل بالصحف المنزلة عليه من ربه: أمرهم بالعمل بما فيها؛ فقالوا:
{لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} فرفع الله تعالى الجبل فوقهم؛ حتى صار كالظلة عليهم. فقال لهم موسى: إن لم تؤمنوا وقع عليكم وكنتم من الهالكين فآمنوا جميعاً ذعراً وخوفاً من الهلكة {خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد {وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ} ائتمروا بأوامره، وانتهوا بنواهيه
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} أعرضتم عن الإيمان
{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} بصيد السمك فيه؛ وقد نهيناهم عنه. والمقصود بالسبت: يوم السبت؛ ومعناه لغة: الراحة؛ لأنه يوم راحتهم؛ وكانوا قد أمروا بالتفرغ فيه للعبادة؛ فخالفوا ذلك، وخرجوا للاصطياد {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً} أي كالقردة؛ في الخفة والحمق والفساد. أو مسخوا قردة على
-[13]- الحقيقة {خَاسِئِينَ} مطرودين

الصفحة 12