كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} على محمد؛ وهو القرآن الكريم {قَالُواْ} لا {نُؤْمِنُ} إلا {بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا} من التوراة والإنجيل {وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ} بما بعده، وبما عداه؛ وهو القرآن {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ} أي حال كون هذا القرآن - الذي يكفرون به - هو الحق، وهو مصدق لما معهم من التوراة والإنجيل {قُلْ} فإن كنتم صادقين فيما تقولون، وأنكم بغير الذي أنزل عليكم لا تؤمنون {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ} كزكريا ويحيى عليهما السلام
{وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ}
المعجزات الظاهرات {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ} عبدتموه {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} لأنفسكم بكفركم
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} أخذنا العهد عليكم بأن تبينون الكتاب للناس ولا تكتمونه عنهم {وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} الجبل {خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم} من الأوامر والنواهي {بِقُوَّةٍ} بجد واجتهاد وعزيمة: {قَالُواْ سَمِعْنَا} قولك: {وَعَصَيْنَا} أمرك. أي قالوا بألسنتهم: «سمعنا» وعملوا بعكس ما يعمل السامع؛ كمن قال «عصينا» قال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} {وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} عبر بذلك كناية عن تغلغل حب العجل في قلوبهم وعبادته كتغلغل الشراب
{قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فيما تقولون؛ من أن لكم الثواب في الآخرة، ولمن عداكم العقاب. وذلك لأن من تيقن أن النعيم أمامه: أسرع إليه، ومن تيقن أنه صائر إلى الجنة: اشتاق إلى ورودها؛ ليخلص من دار الآثام والآلام. ولكن قولهم ينافي فعلهم؛ إذ هم متمسكون بدنياهم، مفرطون في شؤون أخراهم
{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ
-[18]- عَلَى حَيَاةٍ} لما تراه من خوفهم وجبنهم؛ شأن المنزعج على مصيره، الخائف من عاقبته {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ} في الدنيا؛ ما دام الموت له بالمرصاد، والجحيم معدة له يوم المعاد

الصفحة 17