{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} بالقرآن {بَشِيراً} مبشراً من أطاع بالثواب والجنة {وَنَذِيراً} منذراً من عصى بالعقاب والنار {وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} أي ولا نسألك عنهم: ما لهم لم يؤمنوا بعد أن أبلغتهم رسالة ربهم؟ {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} {وَلِيُّ} محب يلي أمرك، ويهمه شأنك
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} من اليهود والنصارى؛ وآمنوا به إيماناً حقيقياً {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} يفهمونه حق فهمه {أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} أي بمحمد، أو بالقرآن، أو بكتابهم الذي هداهم إلى معرفة محمد وكتابه
{عَدْلٌ} بدل أو فدية
{ابْتَلَى} اختبر وامتحن {بِكَلِمَاتٍ} أوامر ونواه {فَأَتَمَّهُنَّ} فأداهن أحسن تأدية، وقام بهن خير قيام {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} أي رئيساً لهم؛ يأتمون بك في الدين، ويقتدون بك في الأعمال {قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} أي واجعل من ذريتي أيضاً أئمة يقتدى بهم {قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} المراد بالظلم هنا: الكفر أي لا تصيب الإمامة الكافرين من ذريتك. ويصح أن يراد بالظلم: الظلم نفسه لا الكفر؛ إذ أن ولاية الظلمة والفسقة لا تجوز؛ وكيف تجوز ولاية الظالم، لكف المظالم؟
{مَثَابَةً} مرجعاً؛ من ثاب: إذا رجع أو المعنى: موضع ثواب؛ يحجون إليه، فيثابون عليه {وَأَمْناً} يأمن من فيه على نفسه - في الجاهلية والإسلام - فقد كان الرجل يلقى فيه قاتل أبيه؛ فلا يستطيع أن يصعد النظر نحوه {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ
-[23]- إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} موضع صلاة. وهو أمر بركعتي الطواف. روى جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي لما فرغ من طوافه عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين؛ وقرأ: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
ومقام إبراهيم: هو الحرم كله، أو الحجر الذي قام عليه عند البناء؛ وفيه أثر قدمه، أو الموضع الذي كان فيه الحجر - حين قام عليه وأذن بالحج - وعن عمر رضي الله تعالى عنه: وافقت ربي في ثلاث. قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر؛ فلو أمرتهن أن يحتجبن؛ فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله نساؤه - في الغيرة - فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ} فنزلت كذلك: {وَعَهِدْنَآ} أوصينا وأمرنا {وَالْعَاكِفِينَ} المقيمين