كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{أُولَئِكَ} المذكورون {عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} هداية أضفاها عليهم، وعناية أحاطهم بها: لإيمانهم بالغيب، وإقامتهم الصلاة، وإنفاقهم مما رزقهم الله {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الفائزون بالجنة، الناجون من النار
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} أي وعظتهم أم لم تعظهم، وخوفتهم أم لم تخوفهم {لاَ يُؤْمِنُونَ} عناداً واستبداداً
{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} أي غطى عليها وطبع {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} غطاء. من غشاة: إذا غطاه. والمعنى: أنه تعالى طبع وغطى على قلوبهم؛ فلا تفهم العظة، وعلى أسماعهم؛ فلا تسمع النصح، وعلى أبصارهم؛ فلا ترى الحقيقة
{وَمِنَ النَّاسِ} وهم المنافقون {مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} وغاية الإيمان: أن يؤمن الإنسان بقلبه ب الله فيتقيه، وباليوم الآخر وما فيه. أما إذا كان الإيمان لا يجاوز اللسان: فهو خداع ونفاق؛ وذلك لأنك إذا تيقنت أن هناك إلهاً قادراً عظيماً؛ يراك حين تعصاه، ويسمعك حين تبغى على مخلوقاته: وجب عليك أن تتجنب هذا العصيان وذلك البغي، وإذا آمنت أن هناك يوماً تحاسب فيه على الكبير والصغير، والنقير والقطمير: وجب عليك ألا تفعل إلا طيباً، ولا تقول إلا حسناً
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ} يبدون من الإيمان، خلاف ما يخفون من الكفران
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} شك ونفاق. لأن الشك: تردد بين الأمرين، والمريض: متردد بين الحياة والموت
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} هكذا شأن المفسدين في كل زمان ومكان: يظنون في أنفسهم الإصلاح وهم عنه بعداء، ويتوهمون ما يفعلونه الخير وهم منه براء يعنون بالسفهاء: أئمة المسلمين، وهداة الدين؛ الذين آمنوا بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه «وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه» والسفهاء: الجهال. قال تعالى رداً عليهم: لمزيد جهلهم، وفرط سفههم
{وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي إذا انفردوا بمن هم كالشياطين في العتو والتمرد والكفر؛ وهم رؤس الكفر والضلال من قسسهم ورهبانهم.
-[5]- {قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ} في الدين؛ فلا تظنوا أنا قد آمنا مع هؤلاء واتبعنا دينهم {إِنَّمَا نَحْنُ} بتظاهرنا بالإيمان {مُسْتَهْزِئُونَ} بمحمد وأصحابه. قال تعالى رداً على استهزائهم بالمؤمنين

الصفحة 4