كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} والتفسح في المجالس من أكرم الخلال الإسلامية والخلق الإنسانية فيجب على كل مؤمن أن يفسح لأخيه الذي يريد الجلوس، أو الصلاة؛ ولو لم يقل بلسانه {وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ} أي إذا قيل: انهضوا وانصرفوا، فانصرفوا: ولا ينتظرن أحدكم أن يقال له ذلك في مجلس من المجالس؛ بل عليه أن يراعي حالة الجالسين إليه، وأنسهم به؛ فإذا ما افتقد رعايتهم له، واهتمامهم بأمره: انصرف مشكوراً مأجوراً؛ قبل أن تمجه الأسماع، وتعافه الأبصار وهذا هو الأدب الرباني، والخلق القرآني؛ فاستمسك به أيها المؤمن: تعش سالماً من البغض، آمناً من الحقد وقيل: كان ذلك في مجالس الرسول خاصة والأولى أنها عامة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ} وعملوا بطاعة الله تعالى، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام {وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} كل بقدر عمله بعلمه. فمنهم من يعلم ولا يعمل، ومنهم من يعلم ويعمل؛ ولكنه فاسد الذوق، بليد الإحساس؛ يأتي سائر المكروهات، ويرتكب سائر المحرمات: فتراه يناجي من بجانبه بلا سبب، ويجلس مكان أربعة رجال بسبب عنجهيته، ولا يفسح المكان إذا ضاق بمن فيه، ولا يقوم من مجلسه - رغم بغض الجالسين له - حتى يكون عليهم كالطاعون؛ بل وشر من الطاعون فماذا أفاد علمه بجانب هذا الإحساس البارد، والذوق السمج؟ {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} من خير أو شر {خَبِيرٌ} فيجازيكم عليه؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} أردتم محادثته سراً؛ لأمر يهمكم {فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} هو حث على التصدق؛ عند طلب الحاجة من الله تعالى، أو من رسوله عليه الصلاة والسلام. وذلك كقوله: «داووا مرضاكم بالصدقة» وهي نعم الدواء عن تجربة {فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ} ما تتصدقون به عند مناجاة الرسول، أو عند الدعاء {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لكم {رَّحِيمٌ} بكم
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً} صادقوهم، واتخذوهم أولياء. والمراد بالقوم: بعض اليهود لعنهم الله تعالى {مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ} أي ليسوا من المؤمنين، ولا من اليهود؛ بل هم منافقون

الصفحة 673