كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ} اللائي لحقن بأهلهن من {الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} أي فأردتم القصاص {فَآتُواْ الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ} أي أعطوهم {مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ} من المهور على أزواجهم. وذلك من مهور من لحق بكم من المؤمنات اللاتي كن متزوجات من الكفار؛ وبذلك تحصل المقاصة التي أمر بها الله تعالى، وتقرها القوانين الوضعية {وَاتَّقُواْ اللَّهَ} فلا تجوروا في ذلك؛ بل مثل بمثل
{يأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} يعاهدنك: فعاهدهن {عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً} قد يكون المراد بالإشراك هنا: الإفراط في الحرص على المال، والإفراط في حب النفس والأولاد، والجبن؛ لأن الله تعالى وصفهن أولاً بالمؤمنات {إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} فوجب أن ينصرف الشرك عن عبادة ما عدا الله تعالى؛ إلى ما يبلغ حبه والحرص عليه حد العبادة {وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ} لم يرد أن أما قتلت وليدها في الجاهلية؛ وإنما كان يقوم بذلك الرجال دونهن؛ بطريق الوأد خشية العار، والقتل خشية الإملاق. وقد كان ذلك يتم برضاهن؛ فكن شريكات في الإثم. قال: «إذا قتل إنسان في المشرق، ورضي عن ذلك إنسان في المغرب: كان شريكاً في دمه» {وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ} بكذب وزور {يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ} وهو ما أخذته المرأة لقيطاً؛ وزعمت لزوجها أنه ولدها منه بين وهو ما ولدته المرأة من زنى
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً} لا تصادقوهم، ولا تتخذوا منهم خلصاء وأحباباً.
-[683]- {قَدْ يَئِسُواْ مِنَ الآخِرَةِ} أي أنكروا البعث ويئسوا من الإعادة يوم القيامة، أو يئسوا من الأجر والثواب؛ لأنهم لا إيمان لهم يجزون عليه، ولا عمل صالح يثابون بسببه {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ} الأحياء {مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} أن يعودوا إليهم مرة ثانية. أو «كما يئس الكفار» الذين هم في القبور؛ أن يرجعوا إلى الدنيا، أو يأسهم من ثواب الآخرة؛ لانقطاع عملهم بموتهم.

الصفحة 682