كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} أي ويعلم آخرين منهم؛ وهم سائر الأمة من بعده؛ فهو عليه الصلاة والسلام المعلم الأول لأمته إلى يوم القيامة، ولله در القائل:
لم يوفق موفق قط إلا
جاءه عن طريقه التوفيق
{لَمَّا} لم {يَلْحَقُواْ بِهِمْ} في السابقة والفضل وهل يستوي من تمتع بصحبة الرسول، وفاز بطلعته؛ بمن لم يره؟ والمعنى: لم يلحقوا بهم، وسيلحقون بهم في الجنة، أو سيلحقون بهم إذا اهتدوا بهديهم، وساروا على طريقتهم {ذَلِكَ} الفضل الذي أسبغه الله تعالى على من فاز بصحبة النبي ورؤيته؛ فذلك
{فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} يخص به من شاء من عباده
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ} أي كلفوا علمها والعمل بما فيها {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} لم يعملوا بما كلفوا به {كَمَثَلِ الْحِمَارِ} الذي لا يفهم شيئاً {يَحْمِلُ أَسْفَاراً} إذا حمل كتباً عظاماً؛ فلا ينتفع بما في هذه الكتب؛ فكذلك هؤلاء اليهود «حملوا التوراة» فكانوا «كمثل الحمار» إذا حمل أسفاراً {قُلْ} يا محمد لليهود
{يأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُواْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ} أحباء له تعالى {فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ} أي إن كنتم أولياء الله وأحباءه - كما تزعمون - فتمنوا على الله أن يميتكم، وينقلكم إلى جواره في دار كرامته
{وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً} لأن الكافر والعاصي لا يتمنيان الموت {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ} من الكفر والمعاصي؛ لما ينتظرهم من العقاب على ما قدمت أيديهم (انظر آية 42 من سورة الزمر) في الدنيا؛ فيجازيكم عليه {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ} إذا أذن لها
{مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} في المساجد (انظر آية 27 من سورة الحج).
-[687]- {وَذَرُواْ الْبَيْعَ} اتركوا التجارة الخاسرة، واسعوا إلى التجارة الرابحة

الصفحة 686