كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لا يستطيع إنسان - بالغاً ما بلغ من الكفر والعناد - أن يرى في تصوير الآدمي نقصاً أو اعوجاجاً؛ وإن الإنسان لو تأمل في يده - مثلاً - ورأى أنها كيف تنقسم إلى خمسة أصابع، وكيف أن كل أصبع من هذه الأصابع ينقسم إلى عدة مفاصل: لما وسعه إلا أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين وأين اليد وحسنها؛ من الوجه ودقة تصويره، وبديع تنسيقه؟ حقاً إن دقة هذا الصنع، وإحكام هذا الوضع؛ ليشهدان لمبدعهما بالقدرة والوحدانية والربوبية.
فنعم الخالق، ونعم المصور {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} المرجع؛ فيثيب الطائع، ويعذب العاصي
{وَاللَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ} بما في القلوب
{فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} الوبال: الهلاك. أي ذاقوا الهلاك؛ الذي هو عاقبة بغيهم، وعقوبة كفرهم
{بِالْبَيِّنَاتِ} بالمعجزات الواضحات، والآيات الظاهرات {فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} يا للعجب؛ ينكرون رسالة البشر، ويؤمنون بربوبية الحجر {فَكَفَرُواْ} بالمعجزات والآيات {وَتَوَلَّواْ} انصرفوا عن الإيمان {وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ} عنهم وعن إيمانهم {وَاللَّهُ غَنِيٌّ} عن سائر المخلوقات {حَمِيدٌ} محمود في كل أفعاله
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ} يعادوا للحساب والجزاء يوم القيامة أي تجزون عليه: إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر
{وَالنّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا} هو القرآن الكريم؛ وهذا الاسم من أجلِّ أسمائه؛ إذ أن النور: يستضاء به في الظلمات، والقرآن الكريم: ينير القلوب، ويمحو الشبهات، ويهدي إلى الجنات
{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} أي يوم غبن الكافر، وضعفه، وخسارته، وحسرته. أو هو يوم التناسي: أي نسيان الكافر من الرحمة والنعمة. والتغابن
-[691]- يطلق على التناسي، والخسران، والضعف. وأصل الغبن: النقص في الثمن، أو رداءة المبيع في البيع. ولما كان الكافر لا يجزى عن أعماله الصالحة التي عملها في الدنيا {وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} كان مثله كمثل المغبون {يُكَفِّرْ} يمح

الصفحة 690