{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} تعجب منهم؛ حيث إنهم يسوون المطيع بالعاصي، والمؤمن بالكافر
{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} منزل من السماء {فِيهِ تَدْرُسُونَ} تقرأون
{إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} أي لكم في هذا الكتاب ما تختارون
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} أي أم أخذتم علينا العهود والمواثيق؛ أن لكم الذي تريدونه وتحكمون به
{سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ} كفيل
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ} فيما يزعمونه {فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ} ليذوقوا معهم ما أعد لهم من العذاب. وقد يراد بالشركاء: شركاء الله تعالى في الملك
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} هو كناية عن صعوبة الأمر وشدته، وذلك كقوله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} كناية عن البخل؛ وليس ثمت يد ولا غل. والعرب تقول: كشفت الحرب عن ساقها: إذا حمي وطيسها، واشتد لهيبها. ومن أفحش ما قاله بعض المفسرين في تأويل ذلك: أن الرحمن يكشف يومئذٍ عن ساقه. تعالى الله عما يقولون، وجل عن صفات المخلوقين
{تَرْهَقُهُمْ} تغشاهم
{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} هو منتهى الوعيد {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} بأن نمد في أعمارهم، ونوسع في أرزاقهم: حتى يزدادوا كفراً على كفرهم، وطغياناً على طغيانهم
{وَأُمْلِي لَهُمْ}
أمهلهم {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} قوي شديد
{وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وهو يونسبن متى عليه السلام {إِذْ نَادَى} ربه؛ وهو في بطن الحوت: {لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} {وَهُوَ مَكْظُومٌ} مملوء غيظاً على أمته وغماً مما نزل به
{لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ} رحمة {مِّن رَّبِّهِ} فعفى عن ذنبه وقد كان غضب على قومه وتعجل تعذيبهم وفارقهم؛ من قبل أن يؤمر بذلك {لَنُبِذَ بِالْعَرَآءِ} لطرح بالخلاء {وَهُوَ مَذْمُومٌ} مذنب وملوم
{فَاجْتَبَاهُ} اختاره {رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} المرسلين، العاملين بما أمرهم ربهم؛ المنتهين عما نهاهم عنه
{لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} ليزيلونك عن مكانك؛ لشدة نظرهم إليك شزراً.
سورة الحاقة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{الْحَاقَّةُ} القيامة؛ سميت بذلك: لأن الأمور تحق فيها وتستقر، ولأنها يوم الحق
{مَا الْحَآقَّةُ *
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} تعظيم لأمرها، وتهويل لشأنها
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ} قوم صالح عليه السلام {وَعَادٌ} قوم هود
-[706]- عليه السلام {بِالْقَارِعَةِ} القيامة؛ لأنها تقرع الناس بهولها وفزعها