كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} أي أيقن المحتضر أن هذا هو فراق الدنيا
{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} هو مثل لبلوغ الشدة أقصاها، والكربة مداها أي والتقى آخر يوم من الدنيا - وفيه ما فيه من آلام المرض، وسكرات الموت - بأول يوم من الآخرة - وفيه ما فيه من عذاب القبر وأهواله - وهذا مثل للكافر فحسب؛ بدليل قوله تعالى:
{فَلاَ صَدَّقَ} بالقرآن {وَلاَ صَلَّى} للرحمن
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ} رغم كفره وتكذيبه {يَتَمَطَّى} يتبختر كبراً وعجباً
{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} أي ويل لك، فويل لك أو هو خطاب للرسول عليه الصلاة والسلام؛ بمعنى: أنت أولى بالتيه والتبختر - إذا جاز ذلك - حيث إنك رأس النبيين، وإمام المتقين
{أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} أي لا يبعث، ولا يحاسب
{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى} أي ألم نخلقه ابتداء: من مني خلقناه في صلب أبيه وترائب أمه
{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً} هي واحدة الحيوانات المنوية؛ التي يتخلق منها الإنسان، بصنع الرحمن {فَخَلَقَ فَسَوَّى} أي فخلقه الله تعالى فسواه (انظر آية 21 من سورة الذاريات)
{فَجَعَلَ مِنْهُ} أي من الإنسان، أو من العلق، أو من المني {الزَّوْجَيْنِ} الصنفين
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} أي أليس الفعال لهذه الأشياء، الخالق لها؛ بقادر على إعادتها بعد فنائها، وإحيائها بعد موتها؟
سورة الإنسان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} أي قد مضى على الإنسان حين من الدهر. و «هل» تجيء بمعنى: قد، وبل، وأم. والمراد من الحين: هو مدة لبثه في بطن أمه أو في صلب أبيه. أو أريد بالإنسان: آدم عليه السلام. وبالحين الزمن السابق على خلقته وإيجاده
{مِن نُّطْفَةٍ} مني {أَمْشَاجٍ} أخلاط. أي من نطفة الرجل مخلوطة بنطفة المرأة. ومشج بينهما: أي خلط {نَّبْتَلِيهِ} نختبره بالتكاليف {فَجَعَلْنَاهُ} استعداداً لهذه التكاليف؛ وتهيئة له لفهمها وقبولها {سَمِيعاً} يسمع فيزدجر {بَصِيراً} يبصر فيعتبر وبعد استماعه واعتباره: ابتليناه بالتكاليف؛ بعد أن أبنا له الطريقين {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} وأوضحنا له السبل
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} بيّنا له طريق الهدى؛ بأدلة العقل، والسمع، والبصر {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} يختار بنفسه طريقه؛ الذي يحدد به مستقبله ومصيره؛ فهو {إِمَّا شَاكِراً} لربه، مؤمناً به؛ فيكون من أهل الجنة {وَإِمَّا كَفُوراً} بنعمةالله، منكراً لوجوده؛ فيكون من أهل النار وقد اختار بعقله؛ وما ارتضاه لنفسه
{إِنَّآ أَعْتَدْنَا}
-[724]- أعددنا وهيأنا

الصفحة 723