كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

سورة الانفطار

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{إِذَا السَّمَآءُ انفَطَرَتْ} انشقت
{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} تساقطت
{وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} فتح بعضها على بعض؛ فاختلط عذبها بأجاجها، أو طغت البحار على اليابسة فأغرقتها ومحتها. والمراد أن كل شيء يضطرب ولا يستقر على حاله
{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} أخرج ما فيها من الموتى
{عَلِمَتْ نَفْسٌ} أي كل نفس؛ وعلمها: رؤيتها الجزاء المعد لها {مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} ما قدمت من معصية، وأخرت من طاعة، أو «ما قدمت» في حياتها من عمل - صالح أو طالح - وما «أخرت» بعد موتها من عمل يقتدي به غيرها
{يأَيُّهَا الإِنسَانُ} خطاب للكافر {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أي ما الذي جرأك على عصيان مولاك؛ الذي أكرمك بما أكرمك، وخلقك فسواك فعدلك
{فِي أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} أي ركبك في صورة أي صورة والمراد أنه تعالى ركبك في أحسن الصور. لقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} وقد ذهب بعض ضعاف الرأي إلى أن الله جلت قدرته أراد بهذه الآيات: إلهام المخاطب المعاتب بالجواب؛ فللعبد أن يجيب مولاه بقوله: غرني كرمك. ألم يقل جل شأنه: {يأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} وهذا - كما لا يخفى - تلاعب بالتأويل؛ يأباه صريح التنزيل إذ أن هذا الكلام صادر في مقام التهويل والإرهاب، والتخويف من شدة الحساب يدل عليه ما بعده
{كَلاَّ} ردع عن الاغترار، بكرم الجبار {بَلْ} الحال أنكم {تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} يوم الجزاء وهو يوم القيامة
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ} في كل وقت وآن من الملائكة: يحفظون أعمالكم وأقوالكم
{كِرَاماً} أمناء على ما أسند إليهم من ربهم {كَاتِبِينَ *
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} فيكتبونه
{إِنَّ الأَبْرَارَ} جمع بر، أو بار؛ وهم الذين يعملون البر، ويتصفون به {لَفِي نَعِيمٍ} جنة {عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ}
{وَإِنَّ الْفُجَّارَ} الكفار {لَفِي جَحِيمٍ} الجحيم: اسم من أسماء النار. وكل نار عظيمة في مهواة: فهي جحيم. قال تعالى: {قَالُواْ ابْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ}
{يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {} يوم الجزاء
{وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ} أي لا يخرجون عنها طرفة عين؛ كقوله تعالى: {وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} وهذا ينقض قول
-[738]- القائلين بعدم الخلود في النار، وأن المراد بالخلود: المبالغة في طول المكث

الصفحة 737