كتاب أوضح التفاسير (اسم الجزء: 1)

{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ} وهو الكافر. وقيل: تغل يمناه إلى عنقه، وتجعل شماله وراء ظهره؛ فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره
{فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً} الثبور: الهلاك. أي يتمنى الهلاك
{وَيَصْلَى سَعِيراً} يدخل جهنم
{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً} أي كان في الدنيا لاهياً لاعباً. قال تعالى: {وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ}
{إِنَّهُ ظَنَّ} تيقن. والظن - في القرآن الكريم - يأتي دائماً بمعنى اليقين؛ إلا في بضع مواضع - يقتضيها مقام الكلام - فإنها جاءت بمعنى الشك كقوله تعالى:
{إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً} {إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} {أَن لَّن يَحُورَ} لن يرجع {بَلَى} سيرجع
{إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ} وبأعماله {بَصِيراً} فيأخذه بها
{فَلاَ أُقْسِمُ} أي أقسم {بِالشَّفَقِ} وهو الحمرة التي تشاهد في الأفق بعد الغروب. وعند الزجاج: إنه النهار
{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي وما جمع وضم؛ لأن ما انتشر بالنهار: يجتمع بالليل؛ حتى أن جناحيك اللذين تمدهما إلى العمل بالنهار: تضمهما إلى جنبيك للراحة بالليل. والليل يضم الأفراخ إلى أمهاتها، والسائمات إلى مناخها، والإنسان إلى فراشه. وبالجملة فإن كل ما نشره النهار بالحركة؛ يجمعه الليل ويضمه بالسكون
{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} إذا اجتمع وتم
{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ} أي لتركبن حالة بعد حالة؛ على أن الحالة الثانية تطابق الحالة الأولى. أي ستعودون بعد الموت إلى حياة أخرى شبيهة بحياتكم هذه، مطابقة لها: من حيث الحس والإدراك، واللذة والألم. أي إنها حياة حقيقية، وإن خالفت في بعض شؤونها هذه الحياة
{فَمَا لَهُمْ} رغم هذه الدلالات {لاَ يُؤْمِنُونَ} بربهم
{وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ} أي لا يخضعون لأوامره تعالى ونواهيه؛ لأن السجود أصلاً معناه الخضوع.
وبه سمي السجود في الصلاة؛ لما فيه من الذلة والخضوع: بوضع الرأس - وهي أشرف الأعضاء - في موضع القدم؛ وهي أخسها
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ} دائماً بآيات الله تعالى ورسله
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} بما يضمرون من الكفر والحقد على المسلمين
{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} ب الله وكتبه ورسله {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} التي أمرهم الله تعالى بها، وحثهم عليها {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي غير مقطوع، أو «غير ممنون» عليهم به.
سورة البروج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} ذات الكواكب والنجوم
{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} يوم القيامة؛ الذي وعد الله به المؤمنين، وأوعد الكافرين

الصفحة 741