{النَّجْمُ الثَّاقِبُ} الذي يثقب الظلام بضوئه
{إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أي ما كل نفس إلا عليها حافظ - من قبل الله تعالى - يحفظ عملها، ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر؛ كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} وقوله تعالى: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} أو أريد بالحافظ: الله تعالى {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}
{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ} نظر تدبر واستبصار {مِمَّ خُلِقَ} من أي شيء خلق؟ فعلام التكبر، وحتام التجبر؟
{خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} وهو المني؛ لأن الله تعالى جلت قدرته جعله يتدفق من الرجل بقوة؛ ليصل إلى بوق الرحم
{يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ} الصلب: فقار الظهر؛ وهو ما تعبر عنه العامة بسلسلة الظهر. والترائب: عظام الصدر. والجنين يتخلق من صلب الرجل، وترائب المرأة. وهناك رأي يقول بأنه يتخلق من صلب الرجل وترائبه أيضاً
{إِنَّهُ} تعالى؛ وقد خلق المني، والصلب، والترائب، والرجل والمرأة {عَلَى رَجْعِهِ} على إعادة الإنسان، وبعثه، وجعله كما كان {لَقَادِرٌ} يوم القيامة
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ} تكشف سرائر بني آدم، ويعرف ما بها من العقائد والنيات. أما الأعمال: فهي مدونة مكتوبة
{فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ} تدفع عنه العذاب {وَلاَ نَاصِرٍ} ينصره من الله، ويجيره من عذابه
{وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} الرجع: الماء. أي والسماء ذات المطر
{وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} أي ذات النبات؛ لأنه يصدع الأرض، أي يشقها. أقسم تعالى بالسماء التي تفيض عليكم بمائها، وبالأرض التي تقيم معاشكم بنباتها. وجواب القسم
{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} أي إن هذا القرآن لقول فاصل بين الحق والباطل
{وَمَآ} ما هو باللعب والباطل؛ بل هو جد كله؛ فجدير بقارئه وسامعه أن يتعظ به، ويفكر فيه، ويتدبر في معانيه
{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} يعملون المكائد؛ لإبطال أمر الله تعالى، وتعطيل دينه
{وَأَكِيدُ كَيْداً} أي وأجازيهم على كيدهم هذا بكيد مثله. وأين كيدهم من كيدي؟
{فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} أي لا تستعجل هلاكهم ومؤاخذتهم؛ وأمهلهم قليلاً. وهذا منتهى الوعيد
سورة الأعلى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} أي نزهه عما لا يليق به
{الَّذِي خَلَقَ} سائر المخلوقات {فَسَوَّى} ما خلقه،
-[745]- وأخرجه على أحسن نظام يصلح له، وفي خير حالة أعد لها