كتاب أمراض القلوب وشفاؤها

دَار الْعَبَّاس كَانَ عبد الله يعلم النَّاس وَأَخُوهُ يطعم النَّاس فَكَانُوا يعظمون على ذَلِك وَرَأى مُعَاوِيَة النَّاس يسْأَلُون ابْن عمر عَن الْمَنَاسِك وَهُوَ يفتيهم فَقَالَ هَذَا وَالله الشّرف أَو نَحْو ذَلِك هَذَا وَعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ نافس أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ الْإِنْفَاق كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ أمرنَا رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن نتصدق فَوَافَقَ ذَلِك مَالا عِنْدِي فَقلت الْيَوْم أسبق أَبَا بكر إِن سبقته يَوْمًا قَالَ فَجئْت بِنصْف مَالِي قَالَ فَقَالَ لي رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا أبقيت لأهْلك قلت مثله وأتى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بِكُل مَا عِنْده فَقَالَ لَهُ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا أبقيت لأهْلك قَالَ أبقيت لَهُم الله وَرَسُوله فَقلت لَا أسابقك إِلَى شَيْء أبدا فَكَانَ مَا فعله عمر من المنافسة وَالْغِبْطَة الْمُبَاحَة لَكِن حَال الصّديق رَضِي الله عَنهُ أفضل مِنْهُ وَهُوَ خَال من المنافسة مُطلقًا لَا ينظر إِلَى حَال غَيره وَكَذَلِكَ مُوسَى (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِي حَدِيث الْمِعْرَاج حصل لَهُ مُنَافَسَة وغبطة للنَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) حَتَّى بَكَى لما تجاوزه النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ أبْكِي لِأَن غُلَاما بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر مِمَّن يدخلهَا من أمتِي أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وروى فِي بعض الْأَلْفَاظ المروية غير الصَّحِيح مَرَرْنَا على رجل وَهُوَ يَقُول وَيرْفَع صَوته أكرمته وفضلته قَالَ فرفعنا إِلَيْهِ فسلمنا عَلَيْهِ فَرد السَّلَام فَقَالَ من هَذَا مَعَك يَا جِبْرِيل قَالَ هَذَا أَحْمد قَالَ مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي الَّذِي بلغ رِسَالَة ربه ونصح لأمته قَالَ ثمَّ اندفعنا فَقلت من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ هَذَا مُوسَى بن عمرَان قلت وَمن يُعَاتب قَالَ يُعَاتب ربه فِيك قلت وَيرْفَع صَوته على ربه قَالَ إِن الله عز وَجل قد عرف صدقه وَعمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ مشبها بمُوسَى وَنَبِينَا حَاله أفضل من حَال مُوسَى فَإِنَّهُ لم يكن عِنْده شَيْء من ذَلِك وَكَذَلِكَ كَانَ فِي الصَّحَابَة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَنَحْوه كَانُوا سَالِمين من جَمِيع هَذِه الْأُمُور فَكَانُوا أرفع دَرَجَة مِمَّن عِنْده مُنَافَسَة وغبطة وَإِن كَانَ ذَلِك مُبَاحا وَلِهَذَا اسْتحق أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ أَن يكون أَمِين هَذِه الْأمة فَإِن المؤتمن إِذا لم يكن فِي نَفسه مزاحمة على شَيْء مِمَّا ائْتمن عَلَيْهِ كَانَ أَحَق بالأمانة مِمَّن يخَاف مزاحمته وَلِهَذَا يؤتمن على النِّسَاء وَالصبيان الخصيان ويؤتمن على الْولَايَة الصُّغْرَى

الصفحة 17