كتاب أمراض القلوب وشفاؤها

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمِمَّا كتبه شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله فِي أمراض الْقُلُوب وشفائها الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وَصَحبه وَسلم قد ذكرنَا فِي غير مَوضِع أَن صَلَاح حَال الْإِنْسَان فِي الْعدْل كَمَا ان فَسَاده فِي الظُّلم وَأَن الله سُبْحَانَهُ عدله وسواه لما خلقه وَصِحَّة جِسْمه وعافيته من اعْتِدَال اخلاطه واعضائه وَمرض ذَلِك الانحراف والميل وَكَذَلِكَ استقامة الْقلب واعتداله واقتصاده وَصِحَّته وعافيته وصلاحه متلازمة وَقد ذكر الله مرض الْقُلُوب وشفاءها فِي مَوَاضِع من كِتَابه وَجَاء ذَلِك فِي سنة رَسُوله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَقَوْلِه تَعَالَى عَن الْمُنَافِقين الْبَقَرَة فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا وَقَالَ فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض يُسَارِعُونَ فيهم وَقَالَ تَعَالَى التَّوْبَة ويشف صُدُور قوم مُؤمنين وَيذْهب غيظ قُلُوبهم وَقَالَ يُونُس قد جاءتكم موعظة من ربكُم وشفاء لما فِي الصُّدُور وَقَالَ تَعَالَى الْإِسْرَاء وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَقَالَ تَعَالَى فصلت قل هُوَ للَّذين آمنُوا هدى وشفاء وَقَالَ تَعَالَى الْأَحْزَاب وَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض وَقَالَ الحزاب لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم وَقَالَ الْأَحْزَاب وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرروا وَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هلا سَأَلُوا إِذْ لم يعلمُوا فَإِن شِفَاء العي السُّؤَال وَقَالَ الرشيد الان شفيتني يَا مَالك وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن أحدا لَا يزَال بِخَير مَا اتَّقى الله وَإِذا شكّ فِي تَفْسِير شَيْء سَأَلَ رجلا فشفاه وأوشك أَن لَا يجده وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَمَا ذكر الله من مرض الْقُلُوب وشفائها بِمَنْزِلَة مَا ذكر من مَوتهَا وحياتها وسمعها وبصرها وعقلها وصممها وبكمها وعماها لَكِن الْمَقْصُود مرض الْقلب فَنَقُول الْمَرَض نَوْعَانِ فَسَاد الْحس وَفَسَاد الْحَرَكَة الطبيعية وَمَا يتَّصل بهَا من الإرادية

الصفحة 28