كتاب أمراض القلوب وشفاؤها

والْحَدِيث وَعلم هُوَ دَوَاء الدّين وَهُوَ علم الْفَتْوَى إِذا نزل بِالْعَبدِ نازلة احْتَاجَ إِلَى من يشفيه مِنْهَا كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود وَعلم هُوَ دَاء الدّين وَهُوَ الْكَلَام الْمُحدث وَعلم هُوَ هِلَال الدّين وَهُوَ علم السحر وَنَحْوه فحفظ الصِّحَّة بِالْمثلِ وَإِزَالَة الْمَرَض بالضد فِي مرض الْجِسْم الطبيعي وَمرض الْقلب النفساني الديني الشَّرْعِيّ قَالَ (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة اقْرَءُوا إِن شِئْتُم الرّوم فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ تَعَالَى الرّوم وَله من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض كل لَهُ قانتون وَهُوَ الَّذِي يبدئ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ وَله الْمثل الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَى قَوْله بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم بِغَيْر علم إِلَى قَوْله فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ فَأخْبر الله أَنه فطر عباده على إِقَامَة الْوَجْه حَنِيفا وَهُوَ عبَادَة الله وَحده لَا شريك لَهُ فَهَذِهِ من الْحَرَكَة الفطرية الطبيعية المستقيمة المعتدلة للقلب وَتركهَا ظلم عَظِيم اتبع اهله اهواءهم بِغَيْر علم وَلَا بُد لهَذِهِ الْفطْرَة والخلقة وَهِي صِحَة الْخلقَة من قوت وغذاء يمدها بنظير مَا فِيهَا مِمَّا فطرت عَلَيْهِ علما وَعَملا وَلِهَذَا كَانَ تَمام الدّين بالفطرة المكملة بالشريعة الْمنزلَة وَهِي مأدبة الله كَمَا قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود إِن كل آدب يحب أَن تُؤْتى مأدبته وَإِن مأدبة الله هِيَ الْقُرْآن وَمثله كَمَاء أنزلهُ الله من السَّمَاء كَمَا جرى تمثيله بذلك فِي الْكتاب وَالسّنة والمحرفون للفطرة المغيرون للقلب عَن استقامته هم ممرضون للقلوب مسقمون لَهَا وَقد أنزل الله كِتَابه شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَمَا يُصِيب الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا من المصائب بِمَنْزِلَة مَا يُصِيب الْجِسْم من الْأَلَم يَصح بِهِ الْجِسْم وتزول أخلاطه الْفَاسِدَة كَمَا قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا يُصِيب الْمُؤمن من وصب وَلَا نصب وَلَا هم وَلَا حزن وَلَا غم وَلَا أَذَى حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله بهَا خطاياه وَذَلِكَ تَحْقِيق لقَوْله النِّسَاء من يعْمل سوءا يجز بِهِ وَمن لم يطهر فِي هَذِه الدُّنْيَا من هَذِه الْأَمْرَاض فيئوب صَحِيحا وَإِلَّا احْتَاجَ إِلَى أَن يطهر مِنْهَا فِي الْآخِرَة فيعذبه الله كَالَّذي اجْتمعت فِيهِ أخلاطه وَلم يسْتَعْمل الْأَدْوِيَة لتخفيفها عَنهُ فتجتمع حَتَّى يكون هَلَاكه بهَا وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْأَثر إِذا قَالُوا للْمَرِيض اللَّهُمَّ ارحمه يَقُول الله كَيفَ أرحمه من شَيْء بِهِ أرحمه وَقَالَ النَّبِي صلى الله

الصفحة 32