كتاب أمراض القلوب وشفاؤها

الحَدِيث كالتغيير وَسَمَاع المكاء والتصدية فيسمعون من الْأَقْوَال والأشعار مَا فِيهِ تَحْرِيك جنس الْحبّ الَّذِي يُحَرك من كل قلب مَا فِيهِ من الْحبّ بِحَيْثُ يصلح لمحب الأوتار والصلبان والاخوان والأوطان والمردان والنسوان كَمَا يصلح لمحب الرَّحْمَن وَلَكِن كَانَ الَّذين يحضرونه من الشُّيُوخ يشترطون لَهُ الْمَكَان والإمكان والخلان وَرُبمَا اشترطوا لَهُ الشَّيْخ الَّذِي يحرس من الشَّيْطَان ثمَّ توسع فِي ذَلِك غَيرهم حَتَّى خَرجُوا فِي ذَلِك إِلَى أَنْوَاع من الْمعاصِي بل إِلَى نوعم الفسوق بل خرج فِيهِ طوائف إِلَى الْكفْر الصَّرِيح بِحَيْثُ يتواجدون على أَنْوَاع من الْأَشْعَار الَّتِي فِيهَا الْكفْر والإلحاد مِمَّا هُوَ من أعظم أَنْوَاع الْفساد وينتج ذَلِك لَهُم من الْأَحْوَال بِحَسبِهِ كَمَا تنْتج لعباد الْمُشْركين وَأهل الْكتاب عباداتهم بحسبها وَالَّذِي عَلَيْهِ محققوا الْمَشَايِخ أَنه كَمَا قَالَ الْجُنَيْد رَحمَه الله من تكلّف السماع فتن بِهِ وَمن صادفه استراح بِهِ وَمعنى ذَلِك أَنه لَا يشرع الِاجْتِمَاع لهَذَا السماع الْمُحدث وَلَا يُؤمر بِهِ وَلَا يتَّخذ دينا وقربة وَأَن الْقرب والعبادات إِنَّمَا تُؤْخَذ عَن الرُّسُل صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم فَكَمَا أَنه لَا حرَام إِلَّا مَا حرمه الله فَإِنَّهُ لَا دين إِلَّا مَا شَرعه الله قَالَ الله تعلى الشورى أم لَهُم شُرَكَاء شرعوا لَهُم من الدّين مالم يَأْذَن بِهِ الله وَلِهَذَا قَالَ آل عمرَان قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم فَجعل محبتهم لله مُوجبَة لمتابعة رَسُوله وَجعل مُتَابعَة رَسُوله مُوجبَة لمحبة الله لَهُم قَالَ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَلَيْكُم بالسبيل وَالسّنة فَإِنَّهُ مَا من عبد على السَّبِيل وَالسّنة ذكر الله فاقشعر جلده من مَخَافَة الله إِلَّا تحاتت عَنهُ خطاياه كَمَا يتحات الْوَرق الْيَابِس عَن الشَّجَرَة وَمَا من عبد على السَّبِيل وَالسّنة ذكر الله خَالِيا فَفَاضَتْ عَيناهُ من مَخَافَة الله إِلَّا لم تمسه النَّار أبدا وَإِن اقتصادا فِي سَبِيل وَسنة خير من اجْتِهَاد فِي خلاف سَبِيل وَسنة فاحرصوا أَن تكون أَعمالكُم اقتصادا واجتهادا على منهاج الْأَنْبِيَاء وسنتهم وَهَذَا مَبْسُوط فِي غير هَذَا الْموضع فَلَو كَانَ هَذَا مِمَّا يُؤمر بِهِ وَيسْتَحب وَتصْلح بِهِ الْقُلُوب للمعبود المحبوب لَكَانَ ذَلِك مِمَّا دلّت الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة عَلَيْهِ وَمن الْمَعْلُوم أَنه لم يكن فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة المفضلة الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) خير الْقُرُون قَرْني الَّذِي بعثت فِيهِ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ لَا فِي الْحجاز وَلَا فِي الشَّام وَلَا فِي الْيمن وَلَا فِي الْعرَاق وَلَا فِي مصر وَلَا فِي خُرَاسَان أحد من أهل الْخَيْر وَالدّين يجْتَمع على السماع المبتدع لصلاح الْقُلُوب وَلِهَذَا كرهه الْأَئِمَّة كَالْإِمَامِ أَحْمد وَغَيره وعده الشَّافِعِي من إِحْدَاث الزَّنَادِقَة

الصفحة 73