كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (اسم الجزء: 3)

وهو من الجبرية الخالصة، وأول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته.
وكان مولى لبني راسب إحدى قبائل الأزد، وكان من أخلص أصدقاء الحارث بن سريج إلي أن قتلاً سنة 128 هـ، وقيل: إن الجهم قتل سنة 130، وقيل سنة 132هـ. وتاريخه طويل، وكتبت فيه مؤلفات عديدة ورسائل جامعية.
كان الجهم كثير الجدال والخصومات والمناظرات، وإلا أنه لم يكن له بصر بعلم الحديث ولم يكن من المهتمين به، إذ شغله علم الكلام عن تلك، وقد نبذ علماء السلف أفكار جهم وشنعوا عليه ومقتوه أشد مقت مع ما كان يتظاهر به من إقامة الحق، قال عنه الأشعري بعد أن ذكر جملة من آرائه الاعتقادية التي تفرد بها، قال: "وكان جهم ينتحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (¬1) .
إلا أن الشيخ جمال الدين القاسمي ذهب إلي أن جهماً كان من أحرص الناس على إقامة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن قتله إنما كان لأمر سياسي، وذلك لخروجه في وجه بني أمية، ولم يكن قتله لأمر ديني يوجب ذلك فيما يرى القاسمي" (¬2) . وهو بهذا قد خالف ما ذكره جمهور العلماء من أن قتله إنما كان لأمر ديني، وقد أقر الناس قتله في وقته لضلاله.
وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد قال عنه: "وكذلك الجهم وشيعته دعو
¬_________
(¬1) مقالات الإسلاميين 1 / 238
(¬2) اقرأ كتابه: تاريخ الجهمية والمعتزلة ص14-18

الصفحة 1132