كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (اسم الجزء: 1)

المسلمين، فقد مرت بالمسلمين في عصورهم المختلفة فترات حلّ فيها الجهل واستحكمت الخرافات في النفوس محل العلم والاعتقاد الصحيح فضعف نور الإيمان في نفوس هؤلاء، وقلَّ وجود علماء متكاتفين متعاونين على إظهار وقمع الباطل؛ فانتشرت الخرافات وقوي أمر التحزب الباطل والفرقة الممقوتة.
وقد عاب الله تعالى في كتابه الكريم الجهل وأخبر أن سبب ترك الناس لدين الله وتفرقهم فيه إنما هو الجهل.
قال تعالى في شأن موسى وقومه حين وصل بهم الجهل إلى أن طلبوا من موسى أن بنصب لهم إلهاً: {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (¬1) .
وآيات أخرى كثيرة في القرآن الكريم فيها ذم الجهل والدعوة إلى العلم والمعرفة.
وكذا في السنة النبوية أحاديث كثيرة في ذم الجهل والتحذير من قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضوا وأضلوا)) (¬2) .
وقد نشأ عن الجهل الغلو في تعظيم بعض المخلوقين تعظيماً خارجاً عن هدي الإسلام، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- عن نوع من أنواع أسباب الاختلاف بين المسلمين وتفرقهم وهو الغلو.. قال: ((ثم إن الغلو في الأنبياء والصالحين قد وقع في طوائف من ضلاّل المتعبدة والمتصوفة..حتى
¬_________
(¬1) سورة لأعراف: الآية138
(¬2) أخرجه البخاري جـ 1 / 194 ومسلم جـ 16 / 223.

الصفحة 69