كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (اسم الجزء: 1)

السنة معهم كما قال الشاعر:
وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم
وكان لهذه المواقف نتائج ظاهرة هي تفرق الأمة الإسلامية وظهورهم طوائف، كل طائفة لا تلوي على أخرى بعد أن تحجرت العقول وجمد كل ذي رأي على رأيه، وقدم فهمه على مفاهيم من هو أفقه منه، واستنكف أن يرجع عما تقرر في ذهنه، وهي قضية طالما وقفت حجر عثرة في طريق الدعوة إلى الإصلاح واجتماع الكلمة قديماً وحديثاً.
وأما موافقة الخلاف لهوى في النفوس فإنه أمر خطير بل هو من أشد الأمور التي تفرق بسببها المسلمون قديماً وحديثاً، وبالاسترسال مع الهوى أقصى العقل وأهملت الشرائع وأخرجت النصوص عن مدلولاتها وقامت البدع وانتشرت الخرافات، بل وسفكت الدماء أحياناً كثيرة، وهو الذي حال بين كثير من البشر وأنبيائهم.
والنصوص من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في ذم الهوى لا تخفى على أي مسلم من عوام المسلمين فضلاً عن طلاب العلم، لقد أخبر الله تعالى أن الهوى أحيانا يحل في بعض النفوس محل الإله فقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (¬1) . وأخبر تعالى أن الهوى هو الذي حال بين الأنبياء وأممهم، إذ لم يستفيدوا من أنبيائهم لاستكبارهم الذي أملاه عليهم هواهم قال تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ
¬_________
(¬1) سورة الجاثية: 23

الصفحة 71