كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (اسم الجزء: 3)

وكذلك يذكر أيضاً أن التصوف أول ما أشتهر كان في البصرة، حتى قيل: فقه كوفي وعبادة بصرية، وأن الصوفية أول ما ظهرت من البصرة؛ لأن بعض هؤلاء كان إذا سمع القرآن يصعق وبعضهم يخر ميتاً كما حدث ذلك لغير الصوفية أيضاً، وقد حدث أن قاضي البصرة زرارة بن أوفى قرأ في صلاة الفجر: {فإذا نقر في الناقور} (¬1) ، فخر ميتاً. وقد أنكر الموجود من الصحابة في ذلك الوقت هذا السلوك ومقتوه أشد المقت، قال ابن تيمية: "ولم يكن في الصحابة من هذا حاله" (¬2) .
وقد تقدم في حديث العرباض بن سارية وصف حال الصحابة حين سماعهم للقرآن الكريم ولخطب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعرف الناس بالحق وأخشعهم لله، وأبعدهم عن مفتريات الصوفية وشركياتهم.
ولقد بين علماء السلف كل ذلك أكمل بيان، ولا زال علماء الحق أيضاً يجاهدون التصوف بأفكارهم وأقلامهم وإبطال الفكر الصوفي الباطني المتمثل في تقديس القبور والمزارات والأولياء، ودعوى علم الغيب وختم الولاية ... إلي آخر أفكار الصوفية المنحرف منها. وكان لهؤلاء العلماء من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله - في القرن الثامن، وتلاميذه: ابن القيم، وابن كثير، والحافظ الذهبي، والحافظ المزي، وغيرهم من العلماء، وممن جاء بعدهم كالشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر- كان لعلماء الحق - من هؤلاء رحمهم الله وغيرهم - الباع الطويل في كسر شوكة التصوف وبيان انحراف المتصوفة عن الحق، وتخديرهم لأفكار المسلمين،
¬_________
(¬1) سورة المدثر 8.
(¬2) انظر: الصوفية والفقراء ص 15-16.

الصفحة 883