كتاب فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها (اسم الجزء: 3)

من الإنية بحيث إذا قال الله عز وجل "أنا" وقال البسطامي "أنا" انعدم الفرق بينهما، وحينئذ يمثل البسطامي الله عز وجل تمام المماثلة، فإذا شوهد البسطامي شوهد عند ذلك الخلاق العظيم - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وليس هذا فقط، بل أحياناً يختلط الحابل بالنابل فيحصل بين الرب والعبد مدّ وجزر حسب ما يتصوره ابن عربي في قوله:
ففي حال أقربه ... وفي الأحيان أجحده
فيعرفني وأنكره ... وأعرفه فأشهده
فإني بالغني وأنا ... أساعده وأسعده
فيحمدني وأحمده ... ويعبدني واعبده (¬1)

ولعله بعد هذه المراوغة استقر الأمر على أن الله هو نفسه كل موجود على ظهر الأرض؛ فهو العاشق والمعشوق، والرجل والمرأة، فالأجسام صور عنه، وذلك في قوله:
فمن ليلى ومن لبنى ... ومن هند ومن بثينه
ومن قيس ومن بشر ... أليسوا كلهم عينه (¬2)

وفي قوله أيضاً:
فعين الخلق عين الحق فيه ... فلا تنكر فإن الكون عينه
¬_________
(¬1) الفتوحات المكية 3/ 498.
(¬2) المصدر السابق 521.

الصفحة 989