كتاب القواعد والفوائد الأصولية - ت: الفقي

وإطلاق جماعة ظاهرة يقتضى الوجوب والأمر بماهية مخصوصة بعد سؤال تعليمه شبيه فى المعنى بالأمر بعد الاستئذان والله أعلم
إذا تقرر هذا فلا يستقيم قول القاضى وابن عقيل فى استدلالهما على نقض الوضوء بلحم الإبل بقوله صلى الله عليه و سلم فى الحديث الذى رواه مسلم لما سئل عن التوضى من لحوم الإبل فقال نعم فتوضأ من لحوم الإبل
ومما يقوى الإشكال أن فى الحديث الأمر بالصلاة فى مرابض الغنم وهو بعد سؤال ولا يجب بلا خلاف بل يستحب
فإن قلت إذا كان كذلك فلم يستحبون الوضوء منه والاستحباب حكم شرعى يفتقر إلى دليل وعندكم هذا الأمر يقتضى الإباحة
قلت إذا قيل باستحبابه فلدليل غير هذا الأمر وهو أن الأكل من لحوم الإبل يورث قوة نارية فناسب أن تطفأ بالماء كالوضوء عند الغضب ولو كان الوضوء من لحوم الإبل واجبا على الإمة وكلهم كانوا يأكلون لحم الإبل لم يوقف بيان وجوبه حتى يسأله سائل فيجيبه
فعلم أن مقصوده أن الوضوء من لحومها مشروع وهو حق والله أعلم
وقد يقال الحدث إنما ذكر فيه بيان وجوب ما يتوضأ منه بدليل أنه لما سئل عن الوضوء من لحوم الغنم قال إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ مع أن التوضى من لحوم الغنم مباح فلما خير فى لحم الغنم وأمر بالوضوء من لحوم الإبل دل على أن الأمر ليس هو لمجرد الإذن بل للطلب الجازم والله أعلم
وأما الأمر بماهية مخصوصة بعد سؤال التعليم فإنه لا يقتضى الوجوب على ما سبق فى إلحاقه الأمر بعد الاستئذان وحينئذ فلا يستقيم استدلال أصحابنا على وجوب الصلاة على النبى صلى الله عليه و سلم فى التشهد الأخير بما ثبت عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه قيل له يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك فقال قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد الحديث نعم

الصفحة 170