كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة

وكيف يجمع الله الداء والدواء في الشيء الواحد؟ وهل الذباب يعقل حتى يقدم أحد الجناحين على الآخر؟!»!!!.

وهذا الحديث من الأحاديث التي أثيرت حولها الشبه من قديم الزمان فقد ذكره الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ - رَحِمَهُ اللهُ وَأَثَابَهُ -، ولم يزد في الرد من أنه قال إن الحديث صحيح وإنه قد روي بغير هذه الألفاظ وذكر بسنده رواية أنس بن مالك - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وقد ذكرتها آنفا.

ثم ذكر أن الطعن في الأحاديث بغير وجه حق يعتبر إنسلاخًا من الإسلام وتعطيلاً للأحاديث، وأن دفع الأخبار والآثار مخالف لما جاء به الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولما درج عليه الخيار من صحابته والتابعين (¬1).

وبحسبه من الخير أنه أنكر على الطاعنين بلسانه، وبقلبه، ونسأل الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أن يثيبه على غيرته على الأحاديث والسنن.

رَدُّ العُلَمَاءِ الأَوَائِلِ أَثَابَهُمْ اللهُ تَعَالَى:

وقد بذل بعض علمائنا الأوائل - أَثَابَهُمْ اللهُ - الجهد في رَدِّ هَذِهِ الشُّبَهِ فقال الإمام حَمَدُ بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البُسْتِيُّ أحد الأئمة الجماعين بين المعقول والمنقول المُتَوَفَّى سنة 388هـ: «تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فَقَالَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ الشِّفَاءَ وَالدَّاءَ فِى جَنَاحَيْ الذُّبَابِ، وَكَيْفَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقَدِّمَ جَنَاحَ الدَّاءِ (¬2)، وَيُؤَخَّرَ جَنَاحُ الشِّفَاءِ؟ وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ؟.

قال: «وَهَذَا سُؤَالُ جَاهِلٍ أَوْ مُتَجَاهِلٍ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الحَيَوَانِ قَدْ جَمَعَ الصِّفَاتِ الْمُتَضَادَّةِ. وَقَدْ أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الاجْتِمَاعِ وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى
¬__________
(¬1) " تأويل مختلف الحديث ": ص 228، 229.
(¬2) " فتح الباري ": جـ 10 ص 252: «حَتَّى يُقَدِّم جَنَاح الشِّفَاء». وهو خطأ فصححته إلى ما ذكرته والظاهر أن في الشرح سقطًا، وقد جاء الاعتراض في " تأويل مختلف الحديث " على الصحة والله أعلم.

الصفحة 339