كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة

بِهِ بِأَنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ مُؤَيَّدٌ بِوَحْيٍ إِلَهِيٍّ خَارِجٍ عَنِ الْقُوَى الْبَشَرِيَّةِ.

وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَطِبَّاءِ أَنَّ لَسْعَ الزُّنْبُورِ وَالْعَقْرَبِ إِذَا دُلِكَ مَوْضِعُهُ بِالذُّبَابِ نَفَعَ مِنْهُ نَفْعًا بَيِّنًا، وَسَكَّنَهُ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِلْمَادَّةِ الَّتِي فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ، وَإِذَا دُلِكَ بِهِ الْوَرَمُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي شَعْرِ الْعَيْنِ الْمُسَمَّى شَعْرَةً بَعْدَ قَطْعِ رُؤُوسِ الذُّبَابِ [أَبْرَأَهُ] (¬1).

الطِبُّ النَّبَوِيُّ مِمَّا أُوحِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

وقبل أن أذكر رأي الطب الحديث في حديث الذباب أحب أن أقول: إنني لست مع النابتة التي نبتت - وبعضهم من أهل العلم - فزعمت أن الطب النبوي من قبيل الأمور الدنيوية التي يجوز على النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها الخطأ، ويجعلونه من قبيل قصة تأبير النخل التي رواها الإمام مسلم في " صحيحه " عن أنس «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ - يعني النخل بوضع طلع الذكر على طلع الأنثى - فَقَالَ: " لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ ". قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا (¬2)، فَمَرَّ بِهِمْ، فَقَالَ: " مَا لِنَخْلِكُمْ؟ " قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: " أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ "».

وفي الرواية الأخرى عن رَافِعٍ بْنُ خَدِيجٍ قال: قَالَ: قَدِمَ [نَبِيُّ اللهِ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ (¬3) النَّخْلَ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ؟» قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: «لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا» فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ (¬4)، قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ
¬__________
(¬1) " زاد المعاد في هدي خير العباد ": جـ 4 ص 111.
(¬2) هو البسر الرديء الذي إذا يبس صار حسفًا.
(¬3) يقال: أبر يأبر ويأبر - بكسر الباء الموحدة وضمها - كبذر يَبْذِرُ ويقال اَيْضًا: أَبَّرَ - بفتح الباء الموحدة المشددة - يُؤَبِّرُ تَأْبِيرًا وهو إدخال شيء من طلع النخلة الذكر في طلع الأنثى فتثمر بإذن الله تعالى.
(¬4) «فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ» أي فأسقطت ثمرها. قال أهل اللغة: ويقال لذلك المتساقط النفض كالخبط =

الصفحة 341