كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مكتبة السنة

وروى الشيخان بسنديهما في " صحيحيهما " عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت: واللفظ للبخاري:
سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ، وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي، دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟» قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ [يَا رَسُولَ اللَّهِ؟] قَالَ: " جَاءَنِي رَجُلاَنِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ... » الحديث، إلا أنه قال في هذه الرواية: «فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ» (¬1) وفيها قول عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: «لاَ، أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ (¬2) عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا» وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ.

وروى البخاري قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ (¬3)، يَقُولُ: حَدَّثَنِي آلُ عُرْوَةَ (¬4)، عَنْ عُرْوَةَ، فَسَأَلْتُ هِشَامًا، عَنْهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلاَ يَأْتِيهِنَّ (¬5)، قَالَ سُفْيَانُ (¬6): وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ، إِذَا كَانَ كَذَا، فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟، أَتَانِي رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ كَانَ
¬__________
= باب السحر.

(¬1) هو بئر ذروان عينه ولكثرة الاستعمال خففوا الهمزة، ثم حذفوها وحذفوا الياء فصار: ذروان.
(¬2) أُثَوِّرَ: بضم الهمزة وفتح الثاء المثلثة وكسر الواو المشددة، آخره راء أي أثير وأسبب.
(¬3) ابْنُ جُرَيْجٍ: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام العدل الثقة.
(¬4) هذا يدل على أن الحديث رواه غير هشام، وأنه كان مشهورًا معروفًا عند آل عروة.
(¬5) يعني يظن أنه يقدر على مباشرة نسائه فإذا قرب لم يجد شيئًا كما هو شأن المعقود، وهذه الرواية أزالت الإبهام بغير المراد في الروايات الأخرى.
(¬6) معنى بالسند المذكور للحديث، وليس من قبيل التعليق وهو نص على أنه مدرج في الحديث. ُُُُُُُُُُ

الصفحة 356